من قال «حقّه» غلب!
 

نبيل الضيفي

نبيل الضيفي / لا ميديا -
"احسب حسابك يا عزي، اعتباراً من الشهر القادم في زيادة 10 ألف ريال فوق الإيجار، وإذا مش قادر تدفع الزيادة، معك مهلة تشوف لك بيت ثاني. المستأجرين كثير وعلى قفا من يشيل وبإيجارW أكثر من المطلوب"!!
هكذا خاطب المؤجر زميلاً مستأجِراً منذ 15 عاماً، دون أن يرف له جفن أو يخجل، مستغلاً وضعه كموظف حكومي بلا راتب، بائس لا قوة له ولا حيلة، ليضعه ومثله بين خيارين أحلاهما مُرّ: إما أن يدفع الزيادة المطلوبة في إيجار المنزل، وإما أن يتجشم مشقة البحث عن منزل آخر، إن كان سعيد الحظ وطايع والديه وعثر عليه -بغض النظر عن مواصفاته التي قد تختلف عن المنزل السابق- ووجد مالكه مؤجراً "طيب"، وهذا شبه مستحيل في ظل توحش أغلب ملاك العقارات، وليس كلهم، الذين وضعوا شروطاً أقرب إلى التعجيزية، تقضي بأن يكون عدد أفراد أسرته لا يتجاوز عدد أصابع اليد، ويا حبذا لو كان "مقطوع من شجرة وعقيم"، ودفع إيجار 5 أشهر مقدماً على الأقل، منها إيجار شهرين مقابل تأمين، مع إحضار ضمين مُسَلَّم في حال تأخر في سداد الإيجار أو... أو... أو... إلخ، أما إذا أراد البحث عن حلول ترضي نهم وجشع المؤجر، فإنه بالتأكيد سيكون مرغماً على سماع مقولة: "من قال حقي غلب!"، وهي من أسوأ المقولات التبريرية المستفزة والأشد وقعاً على مسامعنا هذه الأيام، وبالذات عندما تردد في مجالس الصُلح وأقسام الشرطة والنيابات والمحاكم، التي أصبح يعد شغلها الشاغل الفصل في قضايا المؤجر والمستأجر، والتي تنتهي غالباً بأحكام قضائية جائرة لصالح المؤجر؛ لأنه صاحب الحق ومالك العقار و"الحق ما يزعلش"، إما بإلزام المستأجر بإخلاء المنزل خلال فترة معينة، وهي مهلة تحددها المحكمة من شهر إلى 3 أشهر، مع دفع ما عليه من إيجارات متأخرة تعثر في سدادها وترميم المنزل، وإما الخروج في المهلة المحددة مقابل تنازل المؤجر عن الإيجارات المتأخرة إن وجدت وإعفائه من ترميم وصيانة المنزل، وعليها من هذا الخبر كل يوم!
نحن في مواجهة عدوان همجي وحصار جائر. نعم، هذا صحيح ولن نختلف أو نعترض أو نتذمر، ونحن -بحمد الله- صامدون بفضله والقيادة الثورية والسياسية والانتصارات العظيمة التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في ميادين العزة والكرامة، وكل الشرفاء الوطنيين الواقفين في وجه العدوان الأمريكي-"الإسرائيلي" وأدواته الإقليمية (السعودية-الإماراتية) وعملائه المحليين، وسنظل صامدين حتى النصر المؤزر، وليس ذلك على الله ببعيد، وهذا الصمود الأسطوري لا بد أن يكلل بتدعيم الجبهة الداخلية من خلال قيام حكومة الإنقاذ باتخاذ قرارات حازمة من شأنها التخفيف من المعاناة اليومية والأحمال الثقيلة على كاهل المواطن التي أنتجتها ظروف العدوان والحصار على بلادنا، وتفعيلها ومتابعة تنفيذها باستمرار وعدم التهاون مع كل من يخالفها دون استثناء، مهما كان مركزه أو مستواه الاجتماعي أو نفوذه في الدولة، وأهمها كبح جماح ملاك العقارات (المؤجرين) ممن أخطؤوا قراءة دعوات القيادة الثورية والسياسية إلى احتواء بعضنا البعض ليقترب النصر، وكذلك القرارات القاضية باستثناء عقاراتهم من رسوم الضرائب مقابل التوقف عن المطالبة بأي زيادة في إيجارات منازلهم، لاعتبارات كثيرة أهمها توقف مرتبات موظفي الدولة عسكريين ومدنيين بسبب نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن وعدم التزام قوى العدوان ومرتزقتها بأي اتفاقات بخصوص صرف المرتبات واستحواذها على موارد وثروات البلد النفطية والغازية وطباعة العملة المحلية بغرض إضعاف الاقتصاد وتضييق الخناق على الشعب اليمني و... و... و.... إلخ.
في الأخير، لا أحمل أية ضغينة على المؤجرين، ممن يعتمدون على إيجار عقاراتهم كمصادر دخل لهم، وخصوصاً إذا كانت شقة أو شقتين، لكن الإحساس بما يعانيه المستأجرون والتخفيف من معاناتهم والرأفة بهم من أسمى معاني الإنسانية.
عزيزي المؤجر، تأكد أنه لن يستطيع أي شخص في العالم أن ينازعك حقك أو ينكره، بس برضو الرحمة حلوة، اصبر على أخوك المستأجر حتى يفرج الله همه ويحصل على مرتبه المنقطع بسبب العدوان على بلادنا، ورعى الله الجميل وأهله.

أترك تعليقاً

التعليقات