البصليون.. مشكلتنا التاريخية
 

حمود الأهنومي

د. حمود عبدالله الأهنومي / لا ميديا -
كان بنو إسرائيل يصبرون على ذبح أبنائهم واستحياء وإذلال نسائهم من قبل فرعون وقومه، ولم يبرزوا يوما للاعتراض على هذا الوضع، بل قالوا لموسى عليه السلام بعد أن جاء لإنقاذهم: «أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا».
فلما أنجاهم الله من بطش فرعون، ورأوا آيات الله عياناً بياناً ذهبوا يعترضون ويبرزون بقوة للمعارضة من أجل أشياء تافهة وبسيطة، حتى أنهم رفضوا «المن والسلوى» وقالوا: «لن نصبر على طعام واحد»، وقالوا لا بد لنا من «بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها».
السؤال: لماذا صبروا على ظلم فرعون ولم يصبروا على غياب البصل من موائدهم؟!
ـ لأنهم نسوا هويتهم الإيمانية التي تعيد ترتيب الأمور على حسب أهميتها.
ـ لأنهم أصحاب ذاكرة ذبابية ينسون سريعاً.
ـ لأنهم أصحاب نفوس تدعي العظمة لنفسها ويرون أنفسهم جديرين بالاعتراض على الله رب العالمين.
ـ لأنهم دخلوا هذا المشروع ليس قناعة منهم به، ولكن تعصباً للعرق والطائفة.
والحقيقة المرة التي أريد الإفصاح عنها أن هناك منا نحن الزيدية والهاشميين من تنبعث منه هذه الروائح البصلية.
لقد كنا نُضْطَهَد أيام عفاش، وكانوا يطاردوننا في كل مسجد ومركز، ويحاربوننا على أساس مذهبنا وانتمائنا الهاشمي والأسري والمناطقي في الوظيفة، والعمل، والرزق، في الكلية، والجامعة، والمرفق الحكومي، والمعسكر... وغيرها.
لقد شنوا علينا حروبا طويلة في صعدة وحجة وصنعاء وعمران وغيرها.
واليوم نسينا ذلك الاضطهاد وتلك الحروب التي صبرنا عليها ولم نعترض عليها إلا قليلاً، وبتنا لا نصبر على انقطاع البصل، والفوم، والعدس، وانقطاع بعض المميزات المادية والمعنوية، ونريد أن نحصل على المميزات الكثيرة، وإذا لم نحصل عليها فإننا سنذهب لمهاجمة المسيرة وقائدها، ونوشك أن نعلن عداءنا لهذا المنهج، وتنكرنا لأنسابنا وماضينا، وانضمامنا للمعتدين الذين يقتلوننا تحت كل حجر ومدر، بحجة أن المسيرة لم تنصفنا، وأنها لم تعطنا البصل والفوم والعدس الذي كنا نحلم به.
لقد شكّل هؤلاء البصليون والعدسيون خناجر تاريخية طعنت ظهور أعلام الهدى وأئمة أهل البيت في جميع مراحل التاريخ.
فما من إمام هدى إلا وقام في وجهه بصلي أو عدسي من أقاربه أو أصدقائه أو زملائه أو حتى شيوخه وتلامذته يعددون عليه الانتقادات، ويملؤون صحائفهم عليه بالاعتراضات، وكانوا سبباً من أسباب عدم استقرار الأوضاع، وتغلب أعدائهم عليهم جميعاً، وآلت بعض أمورهم إلى الحرب والقتال.
لو سلمنا البصليين هؤلاء لما سادنا عفاش وطغاة العصر.
أووووف ما أسوأ البصلي صاحب الذاكرة المثقوبة الذي ينسى مقتل أبيه وجده سريعاً وينضم إلى صفوف القتلة طلباً للبصل والكراث!
تنبيه: ليس المقصود من هذه المقالة شخصا أو أشخاصا بأعيانهم بقدر ما هو تبرم بحالة وظاهرة تاريخية مزمنة ومؤسفة.
#البصليون

أترك تعليقاً

التعليقات