خفايا دهاليز مفاوضات السلام 19
 

عبد الإله محمد حجر

السفير عبد الإله محمد حجر

وقد سربت (بي. بي. سي) بعض بنود مبادرة كيري، وهي: (تشكيل حكومة وحدة وطنية، وانسحاب المسلحين من المدن والمؤسسات، وتسليم السلاح الثقيل لطرف ثالث.
وتضمنت الخطة بعض الإجراءات التفصيلية:
- يصدر عبد ربه منصور هادي في يوم التوقيع نفسه قراراً بتعيين نائب للرئيس أو رئيس للحكومة، ويخوله كامل صلاحياته الدستورية، شريطة أن يتم التوافق بين طرفي الأزمة على اسم المرشح لشغل هذين المنصبين أو أحدهما.
- يقدم الفريق علي محسن الأحمر - بالتزامن مع هذه الخطوة أو قبلها - استقالته من منصبيه نائباً للرئيس ونائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
- يبدأ سريان وقف شامل لإطلاق النار في كل أنحاء البلاد.
- تقترح الخطة - وفقاً للمسودة - تشكيل حكومة وحدة وطنية بنسبة الثلث لكل من حكومة هادي وحلفائها، وأنصار الله وحلفائها، والمؤتمر الشعبي وحلفائه).
وكان سفراء دول مجلس التعاون الخليجي طلبوا في بداية مفاوضات الكويت اللقاء بوفد أنصار الله الذي لم يتردد في قبول الطلب، حيث دارت نقاشات هامة سيتم التطرق إليها في مقال آخر في المستقبل يتضمن أهم ما دار من حوارات مع جميع السفراء المتواجدين في الكويت. 
ثالثاً: تمكن الوفد الوطني المفاوض من خلال التواصل الدائم مع أولئك السفراء من التعرف عن كثب على حقيقة مواقف بلدانهم التي اهتمت بمصالحها الاقتصادية المتمثلة في بيع السلاح للسعودية ولو على حساب ما يدعونه من احترام حقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية، وتمت مواجهتهم بذلك.
رابعاً: كان تواجد الوفد الوطني في الخارج فرصة متاحة أيضاً للتواصل والالتقاء مع وسائل إعلام مختلفة، وتوضيح الحقائق عن مظلومية الشعب اليمني، وكشف زيف وكذب وسائل إعلام تحالف العدوان ومرتزقته، وشرح توجهات وأفكار الوفد الوطني لتحقيق السلام، وتفنيد ادعاءات وفد الرياض وتعرية مواقفه المخزية والتابعة للإرادة السعودية المهيمنة.
الاستنتاجات
من خلال جولات المفاوضات يتضح أن تحالف العدوان بقيادة السعودية كان حريصاً على تحقيق نصر عسكري قبل أية تسوية سلمية، ليضمن استعادة الهيمنة في الشأن اليمني، وصياغة نهاية حربه الظالمة على اليمن بما يراها متوافقة مع مصالحه بعيداً عن أي التزامات مادية ومالية وقانونية.
الوفد اليمني القادم من الرياض، وفي جميع الجولات التفاوضية، لم يكن يملك تفويضاً لاتخاذ أي قرار إلا بعد التشاور والإذن من السفير السعودي، كما أن أعضاء الوفد يتمتعون طوال فترة تواجدهم في الرياض منذ بدء العدوان على اليمن، بمناصب عالية ورواتب وامتيازات مرتفعة تقدم إليهم من النظام السعودي، حيث يصل راتب الوزير إلى 8000 $، بينما في حال التوصل إلى اتفاق سياسي فإن راتب أي ممن قد يحتفظ منهم بمنصبه لن يصل إلى 800 $، وبالتالي فإن الدافع لنجاح المفاوضات معدوم.
كان الوفد القادم من الرياض يصر في جميع الجولات التفاوضية على وضع قرار مجلس الأمن رقم 2216 على طاولة المفاوضات باعتباره حجر الأساس، رغم ما شاب إصدار القرار من الغموض والملابسات والأهداف المحيطة بصدوره والطبيعة القانونية له، وبالرغم من أن ذلك القرار لا يخول التحالف الاعتداء على اليمن، ولا يعطيه الحق في فرض الحصار البحري والجوي والبري على اليمن، فهو يعتبر حجر عثرة وعائقاً أمام أي جهود حقيقية لإحداث تسوية سلمية، ولا يمكن تحقيق أي نجاح في أية مفاوضات والخروج من عنق الزجاجة دون وضعه جانباً وإصدار قرار آخر، وقد كرر العديد من سفراء الدول الـ18 هذا القول.
ليس هناك من سبيل لأي مشاورات سلام ناجحة دون إصدار قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف شامل ونهائي لإطلاق النار ورفع الحصار عن اليمن ودفع الرواتب وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي، باعتبار أن مثل هذه الخطوات تمثل عملاً إنسانياً وأخلاقياً يمس طبيعة وظيفة الأمم المتحدة تجاه الكارثة الإنسانية في اليمن، وبما يمثل ذلك من خلق حالة من الفرح والسرور والترحيب من الشعب اليمني.
لا مناص من مفاوضات سياسية بين الحكومة اليمنية في صنعاء والحكومة السعودية لتحقيق تسوية سياسية تضمن إنهاء كل التخوفات الأمنية لكل طرف، ووضع الضمانات اللازمة لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولتين الجارتين، واحترام سيادة وسلامة حدود البلدين.
يجب في حالة استئناف المفاوضات بين الطرفين اليمنيين أن تبدأ من حيث انتهت مفاوضات الكويت، والتي وصلت إلى مشروع اتفاق سياسي وأمني متكامل ومتزامن، وتضمنته كذلك (خطة كيري).

أترك تعليقاً

التعليقات