«الإصلاح» بين خيارين أحلاهما مُرّ!
 

د. فضل الصباحي

د. فضل الصباحي / لا ميديا -
الطرفان الأساسيان في حرب اليمن (صنعاء والرياض) حريصان على تبادل الأسرى، وهذا لا يعني الاتفاق على الهدنة ووقف الحرب. بقية الأطراف الأخرى التابعة لما يسمى "مجلس الرئاسة"، المدعوم من التحالف، يعدون العدة ويحشدون القوات في مختلف المناطق، استعداداً لما بعد فشل الهدنة. وكل طرف لديه أجندته الخاصة. ومن المعروف أن تلك القوات لن تتحرك بدون دعم وغطاء سعودي، خاصةً بعد رفض الرياض شروط صنعاء، التي تعمل في الوقت نفسه على بدائل أخرى.
الوضع الميداني لصالح "قوات صنعاء"، التي تمتلك قوة كبيرة موحدة تعرف أهدافها جيداً، وهي صاحبة القول الفصل في هذه الحرب بعد سيطرتها على كامل محافظات شمال اليمن ما عدا مدينة مأرب ونصف محافظة تعز، بينما بقية الأطراف تتقاسم النفوذ والسيطرة على بقية المناطق وبينها خلافات عميقة وأهداف مختلفة!
حزب الإصلاح، الذي كان أكثر الأحزاب اليمنية تنظيماً وتأثيراً، يتم استخدامه لقتال إخوانه "قوات صنعاء" وغيرهم في مناطق اليمن، كل ذلك من أجل أهداف خارجية يشوبها الكثير من الغموض! وقيادات هذا الحزب لا تعرف حتى تفاصيلها؛ غير أنهم يطمعون في الوصول إلى الحكم والسلطة مهما كان الثمن. هذا الأمر لم يعد ممكناً في ظل المتغيرات العالمية، والحليم تكفيه الإشارة.
الواقع يقول إن "الإصلاح" بحاجة إلى قيادة جديدة تتمتع بالروح الوطنية الخالصة، وتمتلك إرادة قوية وصلبة أمام مغريات الحياة، تؤمن بالشراكة الوطنية في ظل الدولة المدنية العادلة، وليس التفرد بها. قيادة تعيد الثقة لجماهير الحزب الذين أصابهم اليأس من فشل القيادة الحالية. هذا الحزب لو اتخذ طريق العلم والمعرفة والثقافة المتنوعة وتشبّع أعضاؤه بالوطنية الصحيحة بعيداً عن التبعية وسياسة المصالح الضيقة، لأصبح منهم العلماء وقادة الفكر والتغيير ورجال الدولة القادرين على الوقوف أمام المخططات التي تستهدف اليمن، وما قبلوا أن يكونوا مجرد أدوات بيد القوى الخارجية الطامعة في ثروات اليمن وأرضه وتاريخه.
خلاصة القول: "الإصلاح" ليس بريئاً من الخيانة والإضرار بالمصلحة الوطنية العليا؛ إذ ساهم -بعلم وتخطيط- في إسقاط الدولة، والتعاون مع جهات خارجية من أجل السلطة والحكم، فكانت النتيجة تدمير اليمن وقتل وتشريد الملايين والتسبب في أكبر كارثة إنسانية في العالم.
اليوم على الحزب أن يدرك أن المعادلة تغيرت لصالح أنصار الله، الذين أصبحوا قوة لا يستهان بها على مستوى المنطقة، لذلك عليه إعادة النظر في خسائره السابقة والكوارث القادمة التي تنتظره في حال لم يغير سياساته العمياء تجاه الوطن والشعب، ومن الواجب الديني والوطني على القيادة المتواجدة في الداخل اليمني كسر حاجز الخوف، واتخاذ القرارات التاريخية لمصلحة الحزب والوطن، وأول القرارات هو التخلي عن القادة مسلوبي الإرادة والحرية المتواجدين في ما يسمى "مجلس الرئاسة" وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد، والانضمام إلى صف الوطن لتلتحم مأرب مع صنعاء وتعود تعز كما كانت مسرحاً للحرية والتجارة والثقافة والإبداع، ويتفق الجميع على فتح جميع الطرق وتعود الحياة إلى طبيعتها يسودها المحبة والسلام بين أبناء الوطن الواحد.
هذه القرارات التاريخية سوف تحمي الوطن من الضياع، وتحقن دماء اليمنيين، وتخرج اليمن بأقل الخسائر من براثن هذه الحرب الظالمة.

أترك تعليقاً

التعليقات