صنعاء لوحة نبوية كبرى
 

د. فضل الصباحي

د. فضل الصباحي / لا ميديا -
النبي محمد أعظم إنسان في التاريخ، أسمى من أن ينتهي إليه الوصف، بقدومه خرج العرب من براثن الظلم والجهل إلى العلم والرقي والتقدم، وقيادة العالم، بولادته أضاءت الدنيا فرحاً، وتساقطت النجوم على الأرض لتضيء للعالم أجمع درب الحق والهداية. إنَّه يوم مبارك ومقدس عند جميع المسلمين، ومنهم اليمنيون الذين يتحول بلدهم إلى لوحة فنية رائعة الجمال يرسمون فيها عشقهم ومحبتهم لرسول الله، لوحة إيمانية هي الأكبر في تاريخ البشرية.
النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو الحقيقة التي أوجدها الله من نوره ليضيء بها العالم. مكانته عند أهل اليمن مقدسة ورفيعة، لا يشبهه أحدا من الأنبياء والرسل والعظماء. يذكره اليمنيون في كل أوقاتهم وتفاصيل حياتهم اليومية، من الفلاح البسيط حتى أكبر قائد في الدولة. وخروج الشعب اليمني بأكمله يحتفل بمولد النبي محمد، ما هو إلا دليل على صدق المحبة، ونداء روحي من شعب مظلوم يشكو جراحه إلى نبي يحبهم ويحبونه.
وصدق رسول الله الذي قال: "يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب، هم خيار من في الأرض، أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية، أهل اليمن مني وأنا منهُم"، وقوله: "فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنتُ امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شِعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكتُ شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار". وأهل اليمن هُم أول من يشرب من حوض النبي يوم القيامة.
المحبة المتبادلة بين الشعب اليمني والنبي محمد ليس لها علاقة بالسياسة وصراع المذاهب. إنها الفطرة الإنسانية والدينية الإسلامية العربية المتأصلة في وجدان كل يمني، ومن يحدث الفارق هي القيادة المحركة التي تُبرز تلك المحبة من خلال الاحتفالات الشعبية والرسمية، لتقول للعالم. نحن اليمانيين أنصار النبي محمد وحملة رسالته إلى البشرية، نفتخر بمولده الذي أضاء بنوره الدنيا، ومحبته ستظل راسخةً في قلوب كل اليمنيين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
إن ما يقوم به الشعب اليمني من تعبير عن محبة النبي محمد إنما هو امتداد لما قام به ملوك اليمن العظماء الباحثين عن حقيقة الكون والديانات السماوية، فاليمن هو موطن الملوك ومنبع الحضارات، البلد الذي بدأ محركاً للتاريخ، وسوف يعود إلى وضعه الطبيعي مهما مرت عليه المحن والأزمات. أهل اليمن في عناية الله وسوف يخرجونَ من حطام الحروب إلى رحاب المستقبل أكثر قوة، وقادرون على قلب صفحات التاريخ نحو مستقبل مشرق؛ حينها سوف تنطوي لهم الأرض، وتفرح السماء بعودة أحباب النبي وأنصاره الذين فتحوا الأرض من مشرقها إلى مغربها يحملون رسالة السلام والخير إلى العالم.
ختاماً، لن أجد أبلغ من هذه الأبيات الرائعة التي تأخذنا إلى عنان السماء، والتي كتبها شاعر اليمن الكبير معاذ الجنيد:
نحنُ اليمانين يا من ليس يعرفنا
‏لو لم نكُن نحنُ، هذا الكون ما كانا
‏بعزمنا شيّدَ الإسلامُ دولتهُ
‏وباسمنا سُمّيَ الإيمانُ إيمانا
‏سَلِ الرسولَ عن الأنصارِ يُنبئكُم
‏عنّا وعن بأسنا فاسأل "سليمانا"
‏لما جهلنا عبدنا الشمسَ شامخةً
‏وما عبدنا تماثيلاً وأوثانا.

أترك تعليقاً

التعليقات