حين يصبح الاحتلال «مُخلّصاً»!
- جميل المقرمي الثلاثاء , 17 يـونـيـو , 2025 الساعة 11:46:52 PM
- 0 تعليقات
جميل المقرمي / لا ميديا -
في مشهد لا يُشبه إلا أفلام الكوميديا السوداء، وقف الكثير من الأبواق المأجورة يُصفّقون بحرارة لقصف الكيان الصهيوني لإيران، وكأننا أمام عرض عسكري لـ"جيش الخلاص"، لا أمام عدوان صهيوني على دولة إسلامية ذات موقف معلن بدعم المقاومة الفلسطينية.
فجأة، أصبح الاحتلال في عيونهم "المُخلّص"، وأمسى كل من يواجه "إسرائيل" متّهَماً بالشر والشيطنة، في عرض مجاني لمرض "فقدان البوصلة" المزمن.
هؤلاء، لا يرون في الاحتلال مغتصباً، بل يرونه صديقاً أنيقاً بـ"مظلة الشرعية والديمقراطية وحقوق الإنسان". ولا عجب، فكل من تطبّع صار يرى المجازر في غزة مجرد "إشكالات أمنية"، والحصار على اليمن "حرباً وقائية"، والقصف على إيران "تعديلاً جيواستراتيجيّاً" لصالح السلام... سلام من النوع الذي يبدأ بقصف وينتهي بتصفيق.
أما المرتزقة فهم نخبة فريدة من نوعها، باعوا الضمير في مزاد الصفقات، واحتفظوا فقط بلوحة مفاتيح يكتبون بها بيانات العدو، ويرشّون عليها قليلاً من "بهارات الواقعية السياسية". يحدّثونك عن "الخطر الفارسي" كما لو أن الاحتلال الصهيوني صار جمعية خيرية توزع الحلوى على أطفال فلسطين!
وحين تسألهم عن فلسطين، يبتسمون بغباء ويقولون: "نحن حياديون"! حياديون لدرجة أنهم لا يفرّقون بين قاتل وضحية، بين محتلّ ومقاوم، بين من يزرع الموت ومن يُسقى به... حيادهم هذا يشبه حياد السكين بين الجزار والخروف!
المضحك المبكي أن من يهلّلون اليوم لقصف إيران، لم يفتحوا أفواههم يوم قُصفت غزة، أو دُمرت صنعاء، أو اغتيل قادة المقاومة... أما اليوم فقد صاروا شعراء نصر، يكتبون مقالات من فئة "كيف أنقذتنا إسرائيل من إيران؟". سبحان الله! لم يبقَ إلا أن يُطالبوا بوضع تمثال شكر للعدو "الإنساني" في إحدى العواصم العربية!
وبالمناسبة، لا يكرهون إيران لأنها تتدخل في شؤون العرب، كما يدّعون - فهم أول من يفتح الأبواب للأمريكي، ويؤجر الأرض للقاعدة، ويطبّع الهواء والماء؛ بل يكرهونها لأنها دعمت غزة بالسلاح، وساندت حزب الله، وأزعجت نوم "تل أبيب".
إنها ليست شماتة بقصف، بل خيانة ملوّنة، وغباء سياسي مدهون بـ"تحليل استراتيجي". هم لا يقفون ضد إيران، بل ضد كل ما يربك مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذي يبدأ بتصفية فلسطين وينتهي بتطهير المنطقة من آخر خلية مقاومة.
في الختام، لا تحزنوا على هؤلاء؛ فهم مجرد كومبارس رخيص في مسرحية رديئة الإخراج. سيكتب التاريخ، وتذكروا هذا جيداً، أن من صفقوا يوم قُصفت إيران، صفقوا من قبل لكل قنبلة سقطت على رأس طفل في غزة، وكل غارة دمرت منزلاً في صنعاء، وكل رصاصة اغتالت قائداً في بيروت.
ويا ليتهم صمتوا! لكنهم أصروا أن يسجّلوا أسماءهم في قائمة العار.
المصدر جميل المقرمي
زيارة جميع مقالات: جميل المقرمي