(شرعية) الاغتصابات
 

محمد الفرح

محمد الفرح / لا ميديا

ببالغ الألم والأسى تطالعنا الأخبار المؤكدة واليومية عن جرائم الاغتيالات والاختطافات والتعذيب والاغتصابات التي تجري في المناطق التي تقع تحت الاحتلال الأمريكي السعودي والإماراتي، والتي كان آخرها وأبشعها جريمة اغتصاب امرأة في مديرية الخوخة من قبل أحد مرتزقة الجنجويد السودانيين.
وقد أتت هذه الجريمة البشعة تتويجاً لآلاف الجرائم التي ترتكب بحق أبناء هذا الشعب المسلم الطاهر منذ بدء العدوان، والذي أراد له أعداؤه التاريخيون أن يكون مستباح الدم والأرض وصولاً الى استباحة العرض، وفق خطوات ترويضية قذرة تهدف الى خلعه عن هويته وطمس تقاليده وأخلاقه المحافظة. ومنذ متى شاهدنا أو سمعنا في اليمن بذبح البشر وتفجير المصلين وقتل الأبرياء الآمنين واستهداف المتسوقين واغتيال العلماء والخطباء واغتصاب النساء؛ إلا بعد دخول المحتلين الأجانب، والذين ما كان لهم أن يدخلوها لولا الخونة والمنافقون والمفلسون أخلاقياً وإنسانياً ممن باعوا الأرض والعرض، وجروا على بلدهم لفيفاً من الشواذ وشذاذ الآفاق، وأدخلوا إليه البلاء تحت ذرائع واهية وعناوين مزورة كالشرعية والمقاومة والتحرير. 
لقد كشفت هذه الجريمة الأقنعة عن الأهداف الحقيقية للعدوان ومرتزقته، والتي تجلت فيها وفي جميع ممارساتهم الإجرامية، وأماطت اللثام عن نواياهم المشؤومة، وعرت شرعيتهم المزعومة التي صنعها المحتل مجرد غطاء لتعطيه (الشرعية) في كل إجرام، وبالفعل هذا هو الدور الذي رسموه لها ولن تستطيع أن تتجاوزه، وهو التغطية على هذه الأفعال وصرف الأنظار عنها وتبسيطها، والعمل على تجميل وجه المحتل وتبييض سواده القاتم.
وبرغم بشاعة الجريمة، إلا أن الأبشع منها هو في السعي للتغطية عليها ووأدها وتبريرها والدفاع عن مرتكبيها. وبحق نقول إن هؤلاء، سياسيين كانوا أم عسكريين أم إعلاميين أم غيرهم، هم الجناة الحقيقيون، وهم شركاء في الجريمة هم وجميع المتخاذلين والساكتين.  
أما نحن فلم يكن ذلك مفاجئاً لنا، فطالما حذرنا من الاحتلال ومن خطورته، وأنذرنا من سوء أفعاله وممارساته، ومن لم يصدق فليقرأ درس خطر دخول أمريكا اليمن قبل 16 عاماً، وليستعد الذاكرة، فلعلها تستذكر شيئاً من خطابات قائد الثورة ونداءاته المتكررة وتحذيراته من مغبة التهاون والتمادي في مغازلة المحتلين وتصديق مقولاتهم المعسولة ومعوناتهم الملغمة، وطالما ذكرنا ونذكر بما حصل في (أبو غريب) وفي أفغانستان وسوريا وفي جنوب السودان... ولم نستغرب أن يبرر المرتزقة ذلك، فمن رضي في أرضه سيرضى في عرضه.
وبحمد الله لم نزدد من ذلك إلا ثباتاً في مواقعنا وصلابة في مواقفنا وصموداً في مواجهة كل هؤلاء المجرمين. وكل يوم تحصل فيه جريمة نزداد يقيناً في أحقية موقفنا وعدالة قضيتنا وصوابية توجهنا ومشروعية تحركنا وقتالنا.
وإننا بتوفيق الله لم نكتشف في يوم من الأيام أننا أخطأنا في مواجهتهم، ولم ولن نندم على ما قدمناه في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن المظلومين والمستضعفين، وسنستمر في ذلك، نعتز ونتشرف بهذا الموقف، وسنضاعف جهدنا ونجسد شكرنا عملياً في الميدان لله تعالى على أن وفقنا لهذا الموقف الذي يبيض وجوهنا أمام الله وأمام المظلومين.
ولمن لا يزال مرتاباً في نوايا المحتلين ومخدوعاً بقناع (الشرعية) وبزيف المتدينين من أهل الفتوى ومطاوعة البترودولار، ولمن لا يزال متردداً في موقفه، نقول: هذه هي (الشرعية) التي نجدها في عدن والمخا والخوخة ومأرب، وهذا هو وجهها القبيح، وهذه هي هبات سلمان ومساعدات عيال زايد، وهذا هو الدين الوهابي والفكر التكفيري الذي ترون بريقه في سكاكين داعش وقتل العلماء وخطباء الجوامع.
وللمثقفين والسياسيين المبهورين بالنموذج الأمريكي والمتطلعين الى الحضارة الغربية، نقول: هذه هي ديمقراطية أمريكا وحقوق إنسان الأمم المتحدة التي تجدونها في انحطاط الجنجويد وفي جثث الأطفال المتفحمة.
ولكل الملتحقين بصفوف المرتزقة نقول: هذه هي (المقاومة)، وهذه هي الحرية التي تجدونها في النهب والسحل وتقطيع البشر في المناطق المحتلة.
إن على الجميع أن يدركوا أن الشرعية الحقيقية هي التي تدافع عن الأعراض وتصون الممتلكات والحقوق. إن الشرعية الحقيقية هي التي أخرجت قاتل الطفلة إلى ميدان التحرير بصنعاء، وأنصفت أهلها على مرأى ومسمع من العالم، فيما أبواق الاحتلال تستنكر وتندد بذلك، وتقدم العدل كجريمة. إن الشرعية هي التي تقف اليوم في ميدي وفي السواحل وفي جميع جبهات العز، تواجه هؤلاء الأنذال المجرمين. الشرعية الحقيقية هي التي نستمدها من الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، عندما علم أن يهودياً انتهك عرض امرأة مسلمة، ووصله الخبر،  بعد صلاة الظهر، فجمع المسلمين بشكل طارئ لإنقاذ تلك المرأة والدفاع عن شرفها، وقال: (من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فلا يصلين العصر إلا في بني قريضة).
وللأحرار من أبناء شعبنا العزيز الصامد المجاهد نقول: ثقوا بالله وتوكلوا وواصلوا صمودكم وعزمكم، فأنتم الشرعية الحقيقية، وأنتم من تدفعون الشر والخطر عن الأعراض، وأنتم من ستثأرون لهؤلاء المظلومين، وبهذا سيكون النصر حليفكم، أما إذا سكتم وأهملتم وتخاذلتم فوالله لن يخفف هذا من معاناتكم، بل سيضاعفها، وسيفتح الباب لهُتاك الأعراض ومنتهكي الحرمات، وسيدفع كل يمني الثمن باهظاً والضريبة مضاعفة.

أترك تعليقاً

التعليقات