محمد الفرح

محمد الفرح / لا ميديا

لن أستطيع سرد ثمار ومكاسب المشروع القرآني مهما أوجزت، ولن أستطيع أن أحصي نعمة وعظمة ما قدمه الشهيد القائد من الحلول وما عالج به من الإشكاليات، في هذه العجالة وعلى أسطر محدودة. إلا أنني سأكتب عن الوعي الذي قدمه من خلال القرآن الكريم في مرحلة كانت الأمة في أمس الحاجة لمن يبصرها وينير طريقها ويعطيها رؤية تستبصر بها في حالك تلك الظلمات أمام قدرة وفاعلية أعدائها في التلبيس والتدليس وتزييف الحقائق والتضليل والخداع. والقرآن الكريم يؤكد ذلك بقوله: (يلبسون الحق بالباطل)، والذين تحركوا بتلك القدرات والمؤهلات ووظفوها لاستغلال الأمة وتطويعها لخدمته واختراقها في شتى المجالات.
وفي المقابل كان هنالك حالة من الغباء والجهل والعمى والسطحية بين أبناء الأمة الإسلامية، مما شكل بيئة خصبة لتنفيذ مؤامراتهم وتحقيق أهدافهم، وكان عاملاً مشجعاً لهم، فهم يرون الساحة الإسلامية مفتوحة وغير محصنة بالوعي والقيم. وبالفعل استطاعوا أن يستغلوها أسوأ استغلال وما زالوا.
وقد كان الشهيد القائد يرقب تلك الأحداث بنظرة قرآنية ويقيمها ويعي خطورتها. وعندما تحرك كان نعمة عظيمة بما قدم من خلال القرآن الكريم من وعي وبصائر وحلول للأمة حتى تخرج من حالة التيه والعمى وتتحصن من السقوط في مشاريع الأعداء. فقدم لها الوعي الكافي عن الحلول وعن الأحداث وعن العدو، وعرفها بعدوها الحقيقي الذي حدده الله تعالى في القرآن الكريم بقوله: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).
وكانت هذه نعمة كبرى حتى لا تبقى المسألة بيد الأمير أو الملك أو الزعيم الفلاني، وألا تترك لباحث أو لمركز دراسات هنا أو هناك، فالله هو المعني بتحديد أعدائنا، وبهذا واجه حالة تضليلية خطيرة تستهدف الناس وتوجههم إلى أعداء وهميين وجهات أخرى يمثل العداء لها خدمة للعدو الحقيقي.
كما شخص رضوان الله عليه الواقع وقيمه وعالج حالة السطحية في فهم الأحداث، فهناك من كان يرى أنها أحداث آنية تنتهي بعد فترة قصيرة، فالبعض يفكر أنهم فقط يريدون تحرير أفغانستان وسيتوقفون، وكان غياب الوعي في فهم الواقع يؤثر على حالة الجهوزية والاستعداد ويفقدها أهم عناصر القوة.
 النعمة الأخرى أنه لم يكتفِ بأن يعطيك رؤية تقييمية للعدو وللواقع فقط فتصبح كالمحلل تقول هذا عدو وهذا صديق، بل قدم أيضاً الحلول والمنهجيات التي تتحرك وفقها لمواجهة هذا العدو، بما في ذلك تحمل المسؤولية والبناء لواقعها المترهل والخروج من حالة الضعف والعجز إلى مستوى الموقف ومواجهة التحديات. وكانت هذه نعمة لأن فيها ما يلبي حاجة ماسة للأمة ويلامس الداء الذي تعانيه وتكتشف العدو الذي ينخر جسدها ويدمر قوامها. وهنا ندرك حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أنه لا يتركهم هملاً دون أن يقدم لهم أسباب الخلاص والفرج وفق سنته في هدايته لعباده التي من خلالها يقدم من يبصرهم وينورهم ويكون حجة لله عليهم.
وللأسف كانت حالة اللاوعي قد تجذرت وتأثرت بغياب القيم والتراجع فيها، وكان البديل لديها هو طغيان الجهل والمصلحة.
 فقوبل ذلك المشروع بمواجهة شرسة من اليوم الأول، وأطلقت عليه أحكام غير منصفة ودعايات ظالمة وحاولوا أن يقدموه أنه هو المشكلة وليس حلاً،  مع أنه لا مبرر لما عملوه ضد هذا المشروع، فهو ينادي بقضايا الأمة ويقدم القرآن الذي يمثل الهوية الجامعة، فلا هم تفهموه ولا هم تركوه ولا هم جاؤا بالبديل المجدي.
واليوم وبحمد الله تعالى انكشف ذلك التزييف واتضح مكمن الخلل وأين هي المشكلة الحقيقية، فقد أثبت الواقع أن المشروع القرآني هو الحل الوحيد للأمة والبشرية كلها، وأنه كان بتوفيق الله ورحمته لنا قبل غيرنا، وها هو اليوم الوحيد الذي يدافع عن عرض وأرض اليمنيين ويتبنى هموم وقضايا الأمة الكبرى رغم عمق الجراح. وقد أثبت الواقع أن الشهيد القائد عندما تحرك كان محقاً وعادلاً لا باغياً ولا منحرفاً عن نهج الحق، وأن هذا هو ما تقتضيه الظروف وتتطلبه المرحلة وتحتاجه الأمة. واليوم نقول لأولئك الذين تجاهلوه وتخاذلوا عنه وثبطوا الآخرين، وللذين اتخذوا منه مواقف ميدانية وعدائية: أين هي مشاريعكم البناءة؟! وماذا قدمتم لليمن سابقاً وحاضراً سوى الدمار والنهب وإضعاف وتحطيم قواه، وأنتم اليوم تقاتلون مع من يحتله وينتهك أعراض أبنائه؟! أين هي قضايا الأمة في أحزابكم ومشاريعكم؟! ألستم اليوم تتحركون تحت مظلة من يُطبع مع إسرائيل؟! أين الشعارات التي كنتم تطلقونها باسم الدفاع عن الجمهورية، وها هي ملكيتكم تضرب جمهوريتنا اليمنية؟!
 إن الميدان هو أكبر مدرسة، والدروس اليوم كثيرة، وحالة السطحية والعمى قد ولت ولن تعود، وبفضل الله وفضل هذا المشروع لن نكون مخدوعين بكم، فقد نبأنا الله من أخباركم، وسلام الله على شهيدنا وجميع الشهداء العظماء على دربه.

أترك تعليقاً

التعليقات