الزوال المحتوم!
 

محمد الفرح

محمد الفرح / لا ميديا -
رغم الدعم والقوة العسكرية والتقدم التكنولوجي، يبدو كيان العدو الصهيوني وكأنه يعيش على حافة الانهيار.
فالواقع المعاصر يكشف هشاشة بنيته السياسية والاجتماعية، ويؤكد أن زواله ليس مجرد احتمال، بل نتيجة محتومة لضعف داخلي وخارجي متراكم، مصداقاً لوعد الله جل شأنه القائل: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} (الإسراء، آية 7).
علامات هذا الزوال تتجلى بوضوح في عدد من المؤشرات الرئيسية، التي تعكس نقاط ضعف الكيان البنيوية والوجودية:
أولاً: انهيار الشرعية الأخلاقية والسياسية وسقوط القناع الدولي، فالمجتمع الدولي بدأ يشكك في الشرعية الأخلاقية للكيان الصهيوني، وأصبح كيان العدو معزولاً ومنبوذاً على المستوى الشعبي والدولي، فضلاً عن أن أغلب الدول العربية والإسلامية رفضت التطبيع الكامل والاعتراف بهذا الكيان. أضف إلى ذلك صمود حركات الجهاد والمقاومة على الأرض وإصرارها على قتال العدو مهما كانت التحديات. كل ذلك يعكس غياب القبول الأخلاقي للكيان ويضعف صورته أمام الشعوب.
أما الشرعية السياسية، فرغم بعض الاعترافات الرسمية من دول محدودة، إلا أن خروج بعثات دبلوماسية أثناء خطاب المجرم نتنياهو في جمعية الأمم المتحدة يكشف هشاشة هذا الاعتراف، وأن استمرار الدعم السياسي يعتمد على مصالح متغيرة للدول الكبرى، ما يجعل الاستقرار السياسي للكيان هشاً.
إضافة إلى الملاحقة والمطاردة الدولية لمن صدرت بحقهم أحكام وصنفوا مجرمي حرب من قادة الاحتلال.
ولم تقتصر العزلة على القادة، بل أصبح الفرد الصهيوني اليوم منبوذاً ومكروهاً أينما ذهب، ويتعرض للضرب والطرد في أي مجتمع في العالم، لدرجة يضطر الصهاينة معها لإخفاء وثائقهم وهويتهم. وهذه الظاهرة تعكس ضعف الكيان على المستويين الأخلاقي والقانوني، وتوضح أن قوته المادية لا تعوض فقدان القبول الأخلاقي والسياسي.
ثانياً: الاعتماد الكلي على الدعم الخارجي، فالعدو «الإسرائيلي» يعتمد اعتماداً كلياً على أمريكا والدول الغربية في الدعم المالي، العسكري، السياسي، والإعلامي. بالتالي فأي تغير في مواقف وأوضاع هذه القوى قد يؤدي إلى انهيار سريع، ويبقى معه التفوق العسكري مجرد غطاء وهمي. فالقوة العسكرية لا تضمن البقاء إذا كان الاعتماد الكامل على الخارج.
ثالثاً: الاضطرابات والصراعات الداخلية، فالبنية الداخلية للعدو «الإسرائيلي» متشابكة ومعقدة، والاضطرابات فيها لا تقل خطورة عن التهديدات الخارجية، والكيان يعيش انقسامات سياسية وقومية ودينية حادة، فالانقسامات العميقة بين اليهود الأشكيناز والسفارديم، والصراعات بين العلمانيين والمتدينين، تخلق فجوات اجتماعية وسياسية تهدد الوحدة الداخلية وتنذر بسقوطه في أي وقت.
إضافة إلى الانقسام الديني والسياسي والقومي الكبير داخل الكيان، الذي يعكس مجتمعاً هشاً قابلاً للتشظي في أي لحظة، ما يجعل الكيان غير مستقر على المدى الطويل، وهي نقطة ضعف قدمها القرآن الكريم، قال تعالى: {تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى}. ولو أن الأمة الإسلامية استفادت من هذه النقطة لوحدها لكانت كفيلة بالقضاء على كيان العدو.
رابعاً: الضعف النفسي والمعنوي، إذ يعيش الغاصبون الصهاينة خوفاً دائماً من الزوال، وحالة من اللاستقرار، وذلة على الدوام وخشية من الموت، وحرص على البقاء، تظهر في سلوكهم وتحليلاتهم وتجدها في ردود أفعالهم، كما عبر عن ذلك القرآن الكريم بقوله: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة}.
إذ يسيطر على المجتمع الصهيوني شعور مستمر بالتهديد والخوف الوجودي: خوف دائم من الزوال، من المحيط الإقليمي، من المستقبل، ومن تزايد الوعي العالمي ضد السياسات «الإسرائيلية».
هذه «العقدة النفسية» لا يمكن رفعها بالقوة العسكرية أو بالقدرة التكنولوجية، فهي ضعف جوهري في الروح المعنوية للمجتمع كعقوبة لفسادهم وإجرامهم، والقرآن يؤكد هذه الحالة بقوله: {ضُربت عليهم الذلة والمسكنة}.
ومع تكرار الأزمات والتهديدات الأمنية يزيد هذا القلق، ويجعل مجتمع العدو «الإسرائيلي» أكثر هشاشة واستعداداً للانهيار عند أي صدمة جديدة.
جميعها مؤشرات عملية وحقيقية إلى ضعف الكيان الصهيوني، وتشكِّل صورة واضحة عن أن استمرار العدو «الإسرائيلي» ليس أكثر من وهم مؤقت، وأن زواله ليس تصوراً نظرياً، بل واقع محتوم تفرضه الظروف البنيوية والسياسية والاجتماعية، وقد رأينا حالهم في الـ7 من أكتوبر ومستوى الانهيار والضعف الذي بدوا عليه، لدرجة احتاجوا معها إلى زيارة الرئيس الأمريكي بنفسه لتثبيتهم ورفع معنوياتهم.
ختاماً: مهما بدت قوتهم وإجرامهم فزوالهم محتوم في وعد الله، وما علينا سوى القيام بمسؤولياتنا، ولن يخلف الله وعده.

أترك تعليقاً

التعليقات