العبيد يكرهون الحرية
 

غالب المقدم

غالب المقدم / لا ميديا -

قالها أفلاطون قديماً: "لو أمطرت السماء حرية لرأيت العبيد يفتحون المظلات"! هكذا هم عبيد العبيد، من باعوا أوطانهم لأجل القليل من عرض الدنيا، كالمناصب أو المال، ولا يرون من الوطن إلا حقيبة سفر يملؤونها بالأمتعة والنقود، ثم يحملونها ليغادروا دون أن يكترثوا للمآسي والكوارث التي يتسببون بها بتآمرهم القذر مع أعدائهم ضد شعوبهم لأجل مصالحهم الشخصية. والتاريخ شاهد معاصر على تلك الخيانات، ومليء بالأحداث التي تشابه الظرف الذي تعيش فيه أمتنا اليوم بشكلٍ عام من الفتنة التي أوقدها وأشعلها أعداؤها المتربصون بها في الداخل والخارج، وبلادنا اليمن بشكلٍ خاص، فهي ضمن الدول التي طالتها يد العدوان الغادر من قبل عدوها اللدود (بني سعود)، العدو التاريخي لنا، الذي لم ينم يوماً إلا وقد فكر بألف فكرة تجعل من بلدنا العظيم مشلولاً وغير قادر على القيام بدوره الطبيعي والمحوري والحيوي المراد له أن يكون في صنع القرار الاستراتيجي ورسمه على المدى المنظور والبعيد.
وللأسف، فقد وجد خفافيش الظلام من يسهل التآمر معهم، فاعتاشوا من مال بني سعود وأولادهم منذُ فجر ثورة سبتمبر الحالمة بالعدالة والحرية والمساواة، وسعوا بكل ما أوتوا من مكرٍ وخبث، لتدمير الوطن من الداخل. فما كان يقوم به النظام السابق بقيادة عفاش والأحمر، ومن على شاكلتهم، الذين حاولوا جاهدين طمس الوجود التاريخي الأصيل لأجمل فترة شهد فيها اليمن فجر النور والحرية والعطاء، فترة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، الذي فجر أعظم ثورة للوعي والتصحيح، وأعطى شعبنا فكرة عن قدرته في التصحيح والتعاون والبناء، لبناء وطنه اليمن العظيم، البلد العملاق، ومن أرسى قواعد التعاونيات التي أعطت الإنسان اليمني، وأسهمت الإسهام الكبير والفاعل في التنمية في كل المجالات، فقد كان تدميراً ممنهجاً ومدروساً من قبل شياطين نجد والحجاز أمراء بني سعود الذين ظلوا يحيكون المؤامرات التي تثبط النمو لعملية النهوض التنموي لبلادنا، في مختلف القطاعات، حتى وجدوا ذئاب الشر التي اغتالت مشروع الوطن الكبير باغتيال رئيسه الحمدي، وأجلسوهم مكانه في سدة الحكم، من أجل إرساء ثقافة العبودية والانقياد والانبطاح لهم. وهكذا ظل الحال وهؤلاء البشر الذين لا يعرفون معنىً للكرامة؛ من رضعوا العبودية رضاعةً، يمارسون العبودية في اتباع قرن الشيطان (السعودية)، باستخدامهم لكل الرذائل باسم الدين والوطنية والقبيلة، حتى ارتبط اسم القبيلة بالسرقة والنهب والخراب والتخلف، ورسم صورة القبيلة بالشر المحض في أذهان العامة من الناس بأعمالهم القذرة، كما أصبح الوضع العام عبارة عن انتهاز فرص فقط.
إلى أن عاد الأمل يشعُّ بنورهِ من جديد بثورة الـ21 من أيلول 2014، التي أطاحت بعروش الخائنين المستكبرين المنبطحين في البلاط السعودي، وكشفت زيف المنافقين، وأسقطت الأقنعة الزائفة لكل أولئك المتآمرين المرتدين ثياب الجمهورية، المدعين الوطنية، وعلى رأسهم غراب البين (العبد هادي) وأعوانه الذين مكنوهم من اختطاف اللحظة التي ينتظرونها منذُ ستينيات القرن الماضي، لضرب وتدمير اليمن وإدخاله في حربٍ عبثية ظالمة تهلك الحرث والنسل، وتوسع دائرة المآسي لهذا الشعب، وتستنزف كل خيراته وطاقاته، بهدف السيطرة عليه واستغلالهِ الاستغلال الذي يتواءم مع سياستهم التي تهدف إلى إرساء وتمكين الوجود الأمريكي "الإسرائيلي" في المنطقة العربية بشكل عام، واليمن بشكلٍ خاص، لما له من مكانة استراتيجية هامة على مر التاريخ.
وفي الأخير، يظل القول الفصل والحكم لشرفاء الأمة الذين يستنهضون الأمم بهممهم التي لا تهدأ ولا تستكين إلا ببلوغ المراد والتطلعات للمجد المشرق الذي ينادي بالحضور الإنساني المشرف بين أمم الأرض، مهما تكالبت عليهم الشرور، وأحدقت بهم الأخطار، وغير آبهين لكيد العملاء ممن قذفوا بأنفسهم إلى مزابل التاريخ، فهم وإن ألبسوهم رداء الحرية، لن يكونوا إلا عبيداً.

أترك تعليقاً

التعليقات