الأكذوبة
 

سرور الشريفي

سرور الشريفي / لا ميديا -
صباح الوطن! أو دعني أقلها لك أيها المارّة عيناك متنقلة بين هذه السطور بعبارتنا المعتادة: «صباح الخير»، نعم، الخير أكذوبتنا المستحبة التي اعتدنا أن نرتشف رغوتها مع فناجين حيرتنا المرة، نتصافح بها على أرصفة المجهول كلما نبتت أقحوانة الشمس على كتف يوم جديد وهَبَت الآمال أمام نوافذنا على أجنحة النسيم إلى وجهةٍ غير معلومة!
حتى وإن كنت لا تشاطرني الرأي قبولاً، سواء شئت أم أبيت بعض الكذب صَارَ فولتين يخفف مفعوله آلام مفاصل ساعاتنا المهدورة على ضياع العمر حبواً نحو التطلعات!
ثم أخبرني ما هو الوطن؟! ولا تجبني بأنه تلك الحفنة من تراب الوجع المروية بدماء الأرواح المقدسة، فهي ومهما بلغ حبك وتعلقك بها ليست المفهوم الحقيقي للوطن، ولا تسد رمق الحاجة للشعور بنفحة الحياة، وليس أيضا تلك الشعارات التي سكبوها في أواني رؤوسنا منذ تسارع نبضاتنا صغارا حتى ثملتها قناعاتنا المترنحة على حافّة الجهل كبارا!
وإني لأرى الوطن تماماً كما وصفه روسو: «المكان الذي لا يبلغ فيه مواطن من الثراء ما يجعله قادراً على شراء مواطن آخر، ولا يبلغ فيه مواطن من الفقر ما يجعله مضطراً أن يبيع نفسه أو كرامته. الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء، الدفء والإحساس بالكرامة. ليس أرضاً فقط، ولكنه الأرض والحق معاً. فإن كانت الأرض معهم فليكن الحق معك. الوطن هو حيث يكون المرء في خير».
فأين وطننا من هذا؟! وهل وافاك الخير من نخبة الثراء؟! ألك حقوق لا تغيب عنك؟! أم أنك استعذبت الكذبة وارتضيت لنفسك ولغيرك السكون تحت عذر القدر الذي تلقي بشماعته على جبنك وخنوعك وتخاذلك للنجاة من الواجبات؟!
ثم قل لي أين الأمان والكرامة إذا كنت اليوم تُطأطئ رأسك خوفاً وتماشياً مع الظلم والخطيئة، تغض طرف المسؤولية عن كل ما يتجلى أمامك من أحداث، حرصاً على ألا يزج بك خلف قضبان أضيق من قضبان ما أنت عليه من هوان!
وأخيرا، تحررْ، أرجوك، نحن الذين بمقدورنا أن نهدم كل ما لم يُبنَ على أساس!

أترك تعليقاً

التعليقات