لا طاقة للغرب بإدارة حربين
 

محمد محسن الجوهري

محمد الجوهري / لا ميديا -
يدور الحديث حالياً في الإعلام «الإسرائيلي» عن توجه إلى وقف العدوان على غزة من أجل تفجير الوضع في الجبهة الشمالية مع حزب الله، حيث من المحتمل أن تشن «إسرائيل» هجوماً واسعاً على لبنان، قد يرقى إلى اجتياحٍ بري، بحسب ما ذكره موقع «أكسيوس» الأمريكي.
تزامن ذلك مع حديث صحيفة «هآرتس» العبرية عن أن بنيامين نتنياهو يسعى بشكلٍ سري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيرةً إلى أن ذلك يتطابق مع الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وهي الخطوة التي تُشكل تطوراً مهماً في سياسة رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، موضحة أنه بات يرغب في إنهاء الحرب، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الخيارات.
الحديث عن خفض التصعيد في غزة ورفعه في جنوب لبنان يكشف عن ضعف الغرب في إدارة حربين معاً، وأن واشنطن لا تطيق إدارة ملف حربٍ أخرى بالتزامن مع استمرار العدوان على قطاع غزة، وهذه حقيقة تكشف عن نقطة ضعف لدى المعسكر الغربي المسؤول عن اختلاق الأزمات والحروب في العالم.
ونتذكر تاريخ 22 شباط/ فبراير 2022، عندما أعلنت موسكو بدء عملياتها العسكرية في أوكرانيا، كيف اضطر الغرب حينها إلى وقف إطلاق النار في اليمن، بعد سبع سنوات من الحرب المشتعلة هناك، عبر حلفاء واشنطن في الرياض وأبوظبي، ومرتزقتهما.
ورغم أن أمريكا لم تخسر شيئاً في عدوانها على اليمن، واستخدمت هناك أدواتها في المنطقة للقتال نيابة عنها، إلا أن ملف إدارة الحرب كان ثقيلاً على الإدارة الأمريكية بالتزامن مع إدارتها لملف الحرب في أوكرانيا، حيث تسعى إلى إقحام الروس في حرب استنزاف طويلة الأمد، وبأدوات ودماء غير أمريكية.
ومع اندلاع المواجهات في غزة خلال تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كَبُرَ على الغرب الحفاظ على إدارة الدفة الأوكرانية، في وقت قد يغرق فيه الكيان الصهيوني إلى الأبد، عندها تركزت كل جهود واشنطن على عمليات الإبادة الشاملة بحق أهالي القطاع، تاركة حلفاءها الأوكران يواجهون مصيراً غامضاً مع الخصم الروسي.
اليوم، ومع اشتداد وتيرة المواجهات بين الكيان الصهيوني وحزب الله، وتوجيه الأخير ضربات موجعة للصهاينة، بدأت ملامح القلق لدى الغرب من تطور الأمر إلى مواجهة شاملة قد تنتهي باجتياحٍ بري من الجانب اللبناني، ما قد يستدعي تكثيف الجهود هناك للحد من الخطر القادم من الشمال، ولا بد في سبيل ذلك من وقف الإبادة الجماعية لسكان غزة.
إلا أن الحرب مع حزب الله تختلف كثيراً عن الحرب في غزة، فالوضع في لبنان أعقد بكثير، ولا مجال لتنفيذ مغامرة محدودة، كما يتمنى الغرب، فقد ينتهي الأمر بتصعيدٍ أكبر بكثير مما يجري التخطيط له.
ولن يتغير الوضع بالنسبة للجبهات المساندة لغزة، فاليمن حاضرٌ بقوة، ومستمر في تنفيذ عملياته ضد السفن المرتبطة بالكيان وواشنطن، بالتزامن مع استمرار التدريب والتحشيد تحسباً لتصعيدٍ شامل مع العدو الأمريكي وعملائه في المنطقة، وعندها الوضع سيصبح أكثر تعقيداً على الغرب، لا على محور الجهاد والمقاومة.
وفي جميع الأحوال، فإن خفض التصعيد في غزة هو مطلبٌ أساسي للمحور، ولن يضر ذلك بحجم المقاومة للعدوان «الإسرائيلي»، وستستمر جبهات الإسناد في تنفيذ ضرباتها المختلفة ضد الكيان، وليس في ذلك أي جديد سوى أن «إسرائيل» مقبلة على الحرب الشاملة التي تخشاها وتعلم أنها قادمة، وستكون سبباً في زوالها من الوجود.

أترك تعليقاً

التعليقات