جمهورية الدكاك
 

د. محمد النهاري

د. محمد النهاري / لا ميديا -
على الطرف الأول: السلام عليكم، وصباح الخير.
الطرف الثاني، محمد المجاهد: وعليكم السلام ورحمة الله، من معنا؟!
الطرف الأول: لو سمحت، أرجو أن ترسلوا واحد اسمه صلاح الدكاك.
المجاهد: نرسله إلى أين؟! وما السبب؟!
الطرف الأول: مش شغلك! ارسلوه للأمن الوطني، مكتب المشفى الجمهوري.
المجاهد: ممكن تقول أيش السبب؟! ثم هو ليس موظفاً عندنا!
الطرف الأول: إلّا هو كاتب عندكم يسب الدولة ويشتم النظام!
المجاهد: أخي العزيز، هو ليس موظفاً عندنا، والقانون لا يلزمنا أن نسلم كاتباً، وإذا كان كتب مقالاً ضد الدولة فإن المسؤول هو رئيس التحرير الذي أذن بنشر المقال هذا أو ذاك!
وضع رئيس التحرير السماعة، وعقّب بالقول: فوضى!
سألتُ المجاهد: من هذا المتكلم؟!
قال: الأمن السياسي.
وأضاف المجاهد يخاطبني: لو سمحت يا أخ محمد، إذا لم أعد للبيت، بحكم الجوار، أبلغ البيت بأني خارج تعز أزور صديقاً؛ عشان ما يخافوا؛ لأن من المحتمل أقضي الليلة، وربما بعد غد، في ضيافة الأمن السياسي، المهم لا يخافوا!
كنت جاراً للأستاذ المجاهد، الذي استضافه الأمن أكثر من مرة.
عرفتُ صلاح الدكاك ثلاث مرات. كان يكتب مقالات ينتقد الوضع البائس الذي يعيشه اليمن، وكان كثير من مقالاته يُحجب أو يقوم المجاهد بتهذيب بعض العبارات التي لا تليق بـ»النظام المقدس» لا سامحه الله.
كان صلاح -ولما يزل- شعلة من النشاط والإبداع، كما هو الآن. وأشعر بغير قليل من الزهو لأني توسطت له عند الصديق العزيز المرحوم محمد المجاهد، الذي تجاوز «النظام المقدس» فأصدر توجيهاته بتوظيفه، مع أنه كان يفتقد أهم شهادة، وهي «حُسن السيرة والسلوك» (الشرط المقدس!)، والذي هو المؤهل الوحيد الذي بموجبه يدخل الدكاك وغيره من أبناء اليمن «الفردوس الأعلى»!
ما سمعته أن أحد المتنفذين في «الجمهورية» -رحمه الله- كتب تقريراً لـ«ملائكة الفردوس»، أو بالأصح لـ»خزنة جهنم»، أن المجاهد ارتكب جرماً بحق الوطن والوطنية؛ لأنه وظف صلاح الدكاك... أما هذا الموظف الراجل فكان مكلفاً بإرسال «بروفات» الصحيفة لجهات «الزبانية» خزنة جهنم قبل النشر، واقترح عليه موظف الشؤون المالية في «الجمهورية» أن يخفف لهجته الحادة تجاه النظام كشرط من شروط الوظيفة؛ وكان «صلاح» بأمسّ الحاجة لمرتب لا يزيد عن ألف وخمسمائة ريال، ومن ثلاثين مقالاً يُنشر له مقال واحد!
صلاح وطني صادق، يترجم وطنيته شعراً بديعاً يرمي به إلى مصاف الشعر الحديث ويجعله أحد أعلام التعبير الجديد المتجاوز.
في عام «لا»، الجريدة التي تعبر عن عصر الصورة السبتمبرية في نسختها الحادية والعشرين، نزفّ إليه ولزملائه فيها أسمى آيات التهاني الصادقة، فلقد استطاع صلاح وزملاؤه الأعزاء أن يجعلوا «لا» سلاحاً نضالياً بديعاً يعبر عن ثورة اليمن الجديدة والمعاصرة، ونافذة واسعة تضيء لليمن، كل اليمن، طريقاً يؤدي إلى أحلامنا الكبيرة. فتحية عبقة جزاءً لكل العاملين في «لا».
استطاع طاقم «لا» أن يجعلوها جسراً من المودة وقول الحق، تربط الشعب اليمني بقيادته العصمى، مسترشدين بأبناء الجهاد الذين يسعون بكل جد واجتهاد ونشاط أن يواصلوا مسيرة الحق ويرفعوا راية الجهاد، مبتغين وجه الله والدار الآخرة. يعملون بصمت متكلين على الله ونباهة الشعب الذي أرهقه النظام السيئ من ماضي العصور وجور الفجور. فألف مبروك لصلاح الدكاك وأسرة «لا»، الذين يؤثرون «لا» على أنفسهم وأسرهم، ولو كانت بهم خصاصات الفقر وقسوة المعاناة، وتجاهل المسؤولين الذين لا يعرفون ما تقاسيه «لا» من عبث وما يشغلهم من قلق وهم يقولون: «لا» لكل عميل وكل دخيل.
ألف مبروك و»لا» تدخل بوابة العقد الثاني بعد الأول، والله وحده وحسب من وراء القصد، وليحفظ الله مسيرتنا القرآنية بقيادة الهمام أمين الأمة وحجة الإسلام عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، عليه الصلاة والسلام.

أترك تعليقاً

التعليقات