ثورة تحرير واستقلال
 

حسين زيد بن يحيى

حسين زيد بن يحيى / لا ميديا -

بموضوعية وبعيدا عن المواربة، الدولة الوطنية اليمنية الناشئة لم تأت هبة أو مكرمة من أحد، بل كانت محصلة ثورة شعبية ضد البغاة الأتراك/ العثمانيين، توجت بالاستقلال 1918، لربما - في نظر البعض - الدولة الوطنية الناشئة لم تكن وطموحات المتوخاة منها، لكن تظل الحقيقة التي لا ينكرها إلا مكابر أنها ثبتت دولة حرة مستقلة يحسب لها تحقيق تنمية زراعية اقتربت من الاكتفاء الذاتي.
تعقيدات الوضع الدولي حينها وانقسامات الداخل نتيجة سياسات المستعمر البريطاني في المحافظات الجنوبية ضغطت مجتمعة على قيادة الثورة والدولة الوطنية الناشئة وأجبرتها على التقوقع الداخلي، كما يحسب لها - الدولة الناشئة - رغم الحصار والعدوان السعودي البريطاني أنها حفظت لليمن سيادته وهويته، حيث الجميع يعلم بالضرورة أن مصطلح "يمن" و"شام" كانا في الأساس اتجاهين جهويين حددتهما نقطة الارتكاز "الكعبة المشرفة"، التحول الجوهري بمصطلح "يمن" كان بعد مبعث النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله وسلم" الذي أعطى "اليمننة" هوية إيمانية أصلها الحديث النبوي "الإيمان يمان والحكمة يمانية"، مع ذلك اسم "اليمن" كواقع جيوسياسي دشن رسميا بتسمية "المملكة المتوكلية اليمنية"، ولها الفضل بذلك.
مرة أخرى، بصرف النظر عن موقف البعض من الدولة الوطنية اليمنية الناشئة 1918، فلا يختلف اثنان أنها كانت وطنية حرة مستقلة بامتياز، عكس ما حدث في 26 سبتمبر 1962 بحقيقته كان انقلاباً عسكرياً رتبته المخابرات الأمريكية كمقدمة لا بد منها لمسرحية انتصار "إسرائيل" بحرب الأيام الـ6 (1967)، ويقيننا أن جماهير 26 سبتمبر كانت صادقة وعفوية وخدعت، وهو ما عبر عنه الشاعر عبدالله البردوني بمقولة "مشروع ثورة لم يكتمل"، فبعد انقلاب 1962 فقدت اليمن حريتها واستقلالها ورزحت تحت الوصاية المصرية ومن ثم السعودية - الأمريكية.
جنوبا انطلقت ثورة 14 أكتوبر بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، ثورة تحررية رائعة بكل المقاييس، توجت بالدولة الوطنية الناشئة 30 نوفمبر 1967، كانت دولة حرة مستقلة رغم شائبة تحالفها مع الرفاق السوفيت، يتضح ذلك بموقف عدن المتحالفة حينها مع الثورة الإسلامية في إيران رغم معارضة الاتحاد السوفيتي بسبب إعدام الإيرانيين قيادة حزب "توده" الشيوعي، وصولاً إلى 22 مايو 1990 الذي حقق فيه اليمنيون وحدتهم الطوعية والسلمية، تآمر نظام الوصاية الأمريكية لم يتوقف حيث دفع الرئيس الأسبق صالح على شن حرب وتكفير الجنوب في 27 أبريل 1994 ضد الوحدة والشريك الجنوبي تخلصا من الجيش الجنوبي العقائدي، بعدها وبشكل فاضح عادت اليمن إلى بيت الوصاية السعودية الأمريكية.
هنا نسجل موقفاً لافتاً ومميزاً شمالاً للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضي الله عنه) الرافض لحرب وتكفير الجنوب صيف 1994، لم يتوقف الشهيد القائد عند تسيير المسيرات والتظاهرات السلمية في صعدة، حيث اكتشف الشهيد القائد مبكراً زيف الأحزاب السياسية وهزلية اللعبة البرلمانية، فقدم استقالته من حزب الحق، وترك مجلس النواب ذاهباً لمرحلة جهادية جديدة توجت في 2002 بشعار الصرخة: 
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
ثم كان خروجه المشرف في طف مران/ صعدة 2004، مدشنا بدمه الطهور ثورة تحرر واستقلال اليمن من الوصاية السعودية الأمريكية، ودون مبالغة دشن خروجه كسرا لحاجز الخوف، وله الفضل في التحول النوعي للحركة الاحتجاجية الجنوبية "الحراك الجنوبي"، توافر ثلاثية المنهج المتمثل في المشروع القرآني وتفصيلاته في ملازم الشهيد القائد، والجماهير الحاملة له بوعي وبصيرة، ووجود القائد الحكيم والصادق ممثلا في السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بهم توجت قوى التحرير والاستقلال معركتها بانتصار ثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014.
* منسق ملتقى التصالح والتسامح الجنوبي

أترك تعليقاً

التعليقات