فوبيا إيران
 

حسين زيد بن يحيى

حسين زيد بن يحيى  / لا ميديا -

منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران 1979، وما مثله ذلك الانتصار من خسارة استراتيجية للامبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، جن جنون محور الشر، وبدأت الماكينة الإعلامية لقوى الاستكبار في حرف بوصلة العداء من الكيان الصهيوني إلى إيران، تحت يافطة قومية (فرس وعرب) وقادسية صدام المزعومة والبوابة الشرقية، مع أن الجميع ما زال يتذكر كيف استعدت أمريكا وعربانها الخليجيون نظام الرئيس جمال عبدالناصر لتوجهاته القومية المعادية للامبريالية والصهيونية والرجعية.
 أثناء الحرب المسعورة على الثورة الإسلامية الإيرانية وجد في جنوب الجزيرة العربية دولة ناشئة اسمها اليمن الديمقراطية، حيث بعد انتصار ثورة 14 أكتوبر 1963 نشأت دولة ذات توجهات يسارية تقدمية معادية للامبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني والرجعيات العربية. وبينما كان عود النظام الثوري في عدن أخضر شنت الرجعية السعودية عدوانا مسنوداً غربيا واحتلت فيه الوديعة وشرورة، مع حصار اقتصادي. تشابه الحالتين الثوريتين في عدن وطهران المستهدفتين من الإمبريالية الأمريكية والصهيونية وعبر أدواتها الخليجية فرض تحالفاً مبدئياً بينهما، بينما كان النظام الرجعي لعفاش شمالا يعزز عمالته مع المحور الأمريكي والمعادي للمحور الثوري التقدمي في إيران وعدن.
لربما تحت تأثير الإعلام الصهيوخليجي وجدت ظاهرة "فوبيا إيران" لها سوقا في المحافظات الشمالية. بالعكس من ذلك في الجنوب كان الجميع يرى في التحالف الإيراني - اليمني الجنوبي أنه يخدم طرفيه ولصالح قضايا الأمة العربية العادلة في مواجهة الكيان الصهيوني. لهذا بعد حرب صيف 1994 لم تجد قيادات الحراك الجنوبي الثورية غضاضة في الذهاب إلى إيران، وكذلك النظام الثوري الإيراني وجدها فرصة لرد جميل الموقف الجنوبي معهم أثناء حرب الثماني سنوات على إيران.
التحالف اليمني الجنوبي - الإيراني كان على أسس مبدئية تقوم على قاعدة العداء لأمريكا و"إسرائيل" اللتين كانتا تستهدفان الثورتين الإيرانية واليمنية، لهذا ظل متينا ومقبولا شعبيا، بعد انهيار النظام التقدمي الاشتراكي في جنوب اليمن وانتصار نظام عفاش 1994. لم يستطع المنتصر خدش صورة إيران في عيون الجنوبيين، والدليل على ذلك أن زيارات قيادة الحراك الجنوبي لإيران كانت تتم علنا ودون أي استغراب شعبي لها في الجنوب... لماذا؟!!
الجنوبيون الأحرار كانوا يعلمون ماهية أسس التحالف بين الثورتين الإيرانية واليمنية، ولأنه تحالف أحرار أنداد وبعيد عن المصالح الضيقة. وبعد فشل انقلاب الحزب الشيوعي الإيراني (تودة) والإعدامات التي طالت قياداته، طلب الرفاق السوفييت من الرفاق الاشتراكيين اليمنيين قطع العلاقات مع إيران. ولأن نظام الرفاق كان حراً ومستقلاً رفضوا الطلب السوفييتي حينها، لأن مصلحة اليمن الديمقراطية مع استمرار ذلك التحالف.
تأكيدا على مصداقية التحالف الثوري الإيراني - اليمني أنه رغم وجود أقلية "شيعية" في عدن منذ مئات السنين، لم تلتفت إيران إلى تلك الجزئية، والجميع يعلم أنه منذ 1979 - 1990 مدة التحالف الإيراني - الجنوبي لم يسجل أن أقامت إيران حسينية أو قامت بتشييع جنوبي واحد. كذلك بعد انتصار نظام عفاش الرجعي المتخلف عام 1994 لم تثبت أجهزته القمعية وجود عميل جنوبي واحد جندته إيران خلال فترة التحالف الايراني - اليمني الجنوبي تلك.
لكل ذلك فشل الإعلام الصهيوخليجي في تسويق "فوبيا إيران" جنوبا، وهو ما دفع دول العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي إلى امتطاء الجماعات السلفية التي شكلها الجنرال الفار محسن وحزب الإصلاح صيف 1994 لاحتلال الجنوب واستمرار تشككها في قيادات الحراك الجنوبي والمجلس الانتقالي والعسكريين الجنوبيين القدماء، بسبب جذورهم اليسارية. لهذا فإن مقولة المشروع الإيراني في الجنوب بضاعة بائسة، ليس لها سوق شعبية، عكس الحال في المحافظات الشمالية أثناء حكم عفاش ومشاركته في العدوان الأمريكي الصهيوني الأعرابي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية (حرب الثماني سنوات) وجدت فزاعة "فوبيا إيران" جمهوراً لها، لكنه بدأ يتآكل منذ انتصار ثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014.

أترك تعليقاً

التعليقات