عاشوراء والوعي القاصر
 

عفاف محمد

عفاف محمد / لا ميديا -
نجد أنه في الدول الإسلامية الأخرى، مثل العراق ولبنان، يهتمون بشكل كبير بذكرى عاشوراء ويمتلكون من المعرفة بتفاصيل هذا الحدث أكثر مما نحن عليه في اليمن؛ والسبب معروف: تغييب هذا الفاصل التاريخي الديني المهم عن مناهجنا وعن مجتمعنا ككل، كون النظام السابق كان لا يشجع انتشار مثل هذه الثقافات التي يعتبرها مبالغاً فيها أو فتنة أو دون ذلك.
والحمد لله، بعد أن أنعم الله علينا بالمسيرة القرآنية اهتدينا لمفاهيم كثيرة كنا نجهلها، ولم يكن البعض يعرف ما هي كربلاء! وما هي عاشوراء! إلى أن بصَّرهم الله بالهداية وكانوا على اطلاع تام بذلك.
الحمد لله بعد أن سلكنا النهج القويم الذي دعتنا إليه المسيرة القرآنية انزاح ضباب كثيف كان يغطي على بصائرنا، وعرفنا الكثير عن التاريخ الإسلامي والأحداث التي كانت حلقة مفقودة، وتعمد تغييبها من يدّعون ولاءهم للدين ولرسول الله.
في وقت سابق كان حب آل بيت رسول أمراً مبالغاً فيه، والحديث عنهم جرماً يُكفّر صاحبه ويخرجه عن الملة، وكان ذكر الإمام علي (سلام الله عليه) فتنة، ومن يحيون ذكرى الغدير أو عاشوراء شيعة مغالين!!
نعم، كان الأمر كذلك. أما اليوم ونحن نعيش ذكرى عاشوراء نصادف -وبالرغم من انتشار الوعي- أنه مازال هناك من يقول: ما هي كربلاء؟! وما هي عاشوراء؟! ومن يقول: "ها قد أصبحوا مثل من يضربون أنفسهم! ها قد ننحو منحى المبتدعين المبالغين"!!
فهل حب آل البيت بدعة؟! وهل الحديث عن مظلومية سيدنا الحسين (سلام الله عليه) أمر يدعو للفتنة في الدين؟!
فمتى تستوعب هذه العقول المحشوة بالزيف والمعبأة بالمفاهيم الخاطئة أن الواقع المرير جعل آل بيت رسول الله يعاصرون أحداثاً جساماً، ويلاقون الظلم والجور من المسلمين أنفسهم؟!
فلماذا يكذبون التاريخ الذي لا يسعى العقلاء الواعون لمعاقبة أحد على خلفية الماضي وإنما يستحضرون هذه الذكرى لأنها مدرسة تفيض بمكارم الأخلاق والدروس البليغة، فقد تعلمنا كيف ندافع عن الحق دفاعاً مستميتاً مهما كانت الصعاب.
فكربلاء ستبقى مدى الدهر هي المدرسة الحسينية التي تشربنا منها العزة والكرامة، وعرفنا كيف نتمسك أكثر بقضايا ديننا ومجتمعنا وغيرها من القضايا والمقدسات التي لا نسمح بالمساس بها.
كما أن هناك من يقول عن هذه الذكرى إنها "تتبع فئة دون أخرى"، بل ويسخر منها البعض قائلاً: "لماذا يحيون ماضياً قد بلي، ويضجّوننا بها؟!".
نعم هذا ما يقولونه، لأن الثقافة الوهابية مازالت تعشعش في رؤوسهم، حيث ينكرون قولاً لسيد شباب الجنة: "والله ما خرجت أشِراً ولا بطراً، ولكني خرجت لنصرة دين جدي رسول الله"، ويتغافلون عن الظلم الذي تعرض له من بني أمية، ويحاولون طمس ودفن قصة كربلاء!!
لكن هيهات أن يتحقق لهم ذلك، فالله سبحانه وتعالى قد مكننا من معرفة الحق والمجاهرة به والتوعية والتثقيف به كي نكون أمة تتمسك بدينها وبعقيدتها.

أترك تعليقاً

التعليقات