وعي فـي خدمة العدو!
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
الوعي اليوم هو أن كل ما يتم معرفته حول مؤامرات ومكائد ودسائس دول العدوان والحصار يجب أن يُقال وبصوت عال، لأن النجاح الأكبر الذي تمكنت قوى العدوان والغزو والاحتلال وأدوات العمالة والخيانة والارتزاق من تحقيقه في اليمن خاصة، وفي المنطقة العربية والإسلامية عامة، هو تزييف الوعى الذي طال ويطال الجميع، حتى أولئك الذين كنا نحسبهم حراسا عليه، يحمونه ويحافظون عليه ويرتقون به، تم ويتم تزييف وعيهم بعمق، حتى لا يدركوا الحقائق مهما كانت واضحة وحادة ومنطقية، وهذه هزيمة كبرى للوعى والفكر والعقل، ولا يمكن تحقيق أي نصر على أي صعيد من الأصعدة إلا بعد استعادة عملية نشر الوعي كاملا بلا أي نقص أو تجزئة.
دائما يتحدث خبراء العلوم السياسية عن ارتباط الوعي بالشروط الذاتية والشروط الموضوعية بعملية التحولات والتغيير في تاريخ الأمم، ومدى ارتباطها الشديد بتلك العمليات التاريخية المعقدة، وأنها عملية تتعلق بالظروف والمعطيات والتركيبات الاجتماعية والنفسية لشعوب تلك الأمم، وقد مرت الأمة العربية والإسلامية خلال نصف القرن الماضي تحديدا بتقلبات تاريخية مرعبة، أثرت على ثوابتها وقيمها ومبادئها وطرائق عيشها، وطرأت على صراعاتها متغيرات عميقة للغاية، قامت فيها كل النظم الحاكمة بدور شديد التركيب في خداع مواطنيها واستقطابهم دون وعى منهم ولا موافقة ولا ثمن بالطبع إلى صفوف القوى الصهيونية والاستعمارية والرجعية.
هنا وفي هذا المقام لا يمكن وبأي حال من الأحوال تجاهل الدور الإيجابي الوحيد في عصرنا الحالي الذي قام به وعي مشروع المسيرة القرآنية في مقاومة مشروع طواغيت الصهيونية والاستعمار والتطبيع. صحيح أن الكفة كانت تميل بشدة لصالح قوى الاستبداد، لامتلاكهم أدوات القمع والقهر والسجون والتشريد والتعذيب والقتل، وكذلك استخدامهم أجهزة إعلام وجرائد ومجلات وسينما وكل مؤسسات الدولة لتطويع أفكار وميول ومزاج الشخصية اليمنية والعربية والإسلامية لقبول مشاريع التبعية والارتهان.
وحينما انتفض وعي مشروع المسيرة القرآنية وأطلق شعار التحرر والاستقلال، تحالفت عليه كل جهود وأدوات وأموال وعلاقات أعتى جيوش العالم، وأكبر ترسانة سلاح ومال في العالم، وأجهزة استخبارات العالم، لقيادة أضخم عملية حرب وعدوان وحصار لإسقاط مشروع المسيرة القرآنية، هذا المشروع الذي يمثل الخطورة الشديدة على المشروع الاستعماري الأمريكي والبريطاني وعلى وجود الكيان "الإسرائيلي"، وعلى نفوذ كيانات التصهين ودويلات الارتهان وممالك التطبيع في المنطقة، وها نحن الآن وتحديدا في ما يجري في كافة أرجاء المنطقة، وبخاصة ما يحدث من مؤامرات لتفكيك دول محور المقاومة وتجزئة معاركها، فإن أي تجاهل للشروط الذاتية والموضوعية لمعايير مشروع المسيرة القرآنية سوف يضع مستقبلنا جميعا في خطر ووجودنا على المحك، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

أترك تعليقاً

التعليقات