النصر آتٍ لا محالة
- مصطفى عامر السبت , 31 أغـسـطـس , 2024 الساعة 7:39:30 PM
- 0 تعليقات

مصطفى عامر / لا ميديا -
صنعاء، المحتشدة في ميدان السبعين، لا تحتشد من باب التقاط صورة. إنه شعبٌ لا يتآلف مع مقتضيات الترفيه. إنه يعرف تماماً ما تعنيه الحروب!
لقد اجتمع عليه قبل سنواتٍ العالم كله، وكان أراذلها من جواسيس العدوان ينغمسون في الحارات وبين البيوت، ويرفعون الإحداثيات إلى العدو، ويزرعون الشرائح، فيما كان «محمود عباس» بنسخته اليمنية قد قام بأقذر مهمةٍ قبل الفرار!
نعم، لقد قام بتفكيك ما تيسر للبلاد من أنظمة الدفاع الجوي، على قلتها وتقادمها وهوانها على الناس!
لقد كنت في إحدى المدن اليمنية النائية على الهامش، وكنت أخرج مع والدي إلى فناء بيتنا، وبيتنا لم يكن -للعلم- معسكراً، وكان بمقدورنا مشاهدة لمعان طائرة «الأواكس» ليلاً بوضوح، فيما كانت الطائرات تقصفنا بكل أريحية، لا نملك لمواجهتها إلا الكلاشينكوف!
ومع هذا فلم نشعر ليومٍ بأننا وحدنا، فما دمت مع الله فإنّه لن يضيعك!
ولهذا كان الحفاة منا يصعدون إلى الجبل، وبالكلاشينكوف يُسقطون الأباتشي، ويُحرقون الابرامز والبرادلي بولاعات السجائر!
فلا تصدق إذن أنها ولاعات السجائر أيها الشقي؛ ولكنه الله عندما يسخّر حتى الولاعات معك.
كان أراذلها يسخرون من أول صواريخنا!
نعم، لقد كان بعضها يسقط ولما يغادر البلاد. وبحسب «الزّباجين» فإنه لو قمنا بعكس الصاروخ رأساً على عقب، فلربما تكون آثاره التدميرية أفضل!
ومن عاصمة الرقص العربي كان العسيري يتباهى، يقول بأنه سيُسقط صنعاء في ظرف عشرة أيام! فيما كان الانهزاميون يقولون: فلتسلموا سلاحكم إذن، لا طاقة لكم اليوم بسلمان وجنوده!
وها نحن كما ترانا، في ميادين السيادة الوطنية!
بعد الولاعة قمنا بإحراق أرامكو؛ وحرفيّاً قمنا بإذلال سلمان وجنوده، ولا نزوره الآن إلا في كوابيسه!
وها نحن، بفضل الله، نتحشد بالملايين في ساحاتنا، وعلى مرأى من العالم. قمنا حرفيّاً بمسح كرامة أمريكا -فتوة العالم- في أرجاء البحر وفي أنحاء المحيط!
إنهم يا صديقي يستأذنون الآن منا، فقط لنسمح لهم بسحب سفائنهم المحترقة!
نعم، تسع سنواتٍ والعالم كله علينا؛ لم يكن حتى على الحياد! وخلالها كنّا نفرح بمن يقول بأنه ليس معنا، لكنه في الوقت نفسه ليس علينا؛ لكننا قط لم نكن وحدنا، ولم نشعر يوماً بأننا وحدنا، ولم يداخلنا شكٌّ في حتميّة النصر.
وكنت وقتها أكتب مقالاتٍ، ومن تحت القصف أقول بثقة: إنه نصر الله آتٍ لا محالة!
كلنا هنا -باستثناء أراذلها والمهزومين- كنا نؤمن بهذه الحقيقة، تماماً!
كل المحتشدين كانوا يحتشدون وقتها في الميادين أيضاً، وإن بأعدادٍ أقل من حشود ميدان السبعين، ويهتفون بأن صنعاء بحول الله منصورة، كما يهتفون الآن لغزة.
وأمّا لماذا كانت حشودنا في وقتها أقل، فإن اليمني عادةً يتعصّب مع فلسطين أكثر من تعصبه مع مصالحه الذاتية، ولا يعني هذا أنه مهملٌ بشأن حقوقه؛ إنه ينتزع حقّه من بين أنياب الأسد، لكنّه على نصرة أخيه أحرص.
ولكنها فلسطين، تحتل ثلاثة أرباع قلبه، فيما يبقى ربعه الرابع موارباً لنوائب الدهر، ما يلاقيه من مستجدات، ولأوقات الحاجة.










المصدر مصطفى عامر
زيارة جميع مقالات: مصطفى عامر