النصر آتٍ لا محالة
 

مصطفى عامر

مصطفى عامر / لا ميديا -
صنعاء، المحتشدة في ميدان السبعين، لا تحتشد من باب التقاط صورة. ‏إنه شعبٌ لا يتآلف مع مقتضيات الترفيه. إنه يعرف تماماً ما تعنيه ‏الحروب‎!‎
لقد اجتمع عليه قبل سنواتٍ العالم كله، وكان أراذلها من جواسيس العدوان ‏ينغمسون في الحارات وبين البيوت، ويرفعون الإحداثيات إلى العدو، ‏ويزرعون الشرائح‎، فيما كان «محمود عباس» بنسخته اليمنية قد قام بأقذر مهمةٍ قبل الفرار‎!‎
نعم، لقد قام بتفكيك ما تيسر للبلاد من أنظمة الدفاع الجوي، على قلتها ‏وتقادمها وهوانها على الناس‎!‎
لقد كنت في إحدى المدن اليمنية النائية على الهامش، وكنت أخرج مع ‏والدي إلى فناء بيتنا، وبيتنا لم يكن -للعلم- معسكراً، وكان بمقدورنا مشاهدة ‏لمعان طائرة «الأواكس» ليلاً بوضوح‎، فيما كانت الطائرات تقصفنا بكل أريحية، لا نملك لمواجهتها إلا ‏الكلاشينكوف‎!‎
ومع هذا فلم نشعر ليومٍ بأننا وحدنا، فما دمت مع الله فإنّه لن يضيعك‎!‎
ولهذا كان الحفاة منا يصعدون إلى الجبل، وبالكلاشينكوف يُسقطون ‏الأباتشي، ويُحرقون الابرامز والبرادلي بولاعات السجائر‎!‎
فلا تصدق إذن أنها ولاعات السجائر أيها الشقي؛ ولكنه الله عندما يسخّر ‏حتى الولاعات معك.‏
كان أراذلها يسخرون من أول صواريخنا‎!‎
نعم، لقد كان بعضها يسقط ولما يغادر البلاد. وبحسب «الزّباجين» فإنه لو قمنا بعكس ‏الصاروخ رأساً على عقب، فلربما تكون آثاره التدميرية أفضل‎!‎
ومن عاصمة الرقص العربي كان العسيري يتباهى، يقول بأنه سيُسقط ‏صنعاء في ظرف عشرة أيام! فيما كان الانهزاميون يقولون: فلتسلموا ‏سلاحكم إذن، لا طاقة لكم اليوم بسلمان وجنوده!
وها نحن كما ترانا، في ميادين السيادة ‏الوطنية‎!‎
بعد الولاعة قمنا بإحراق أرامكو؛ وحرفيّاً قمنا بإذلال سلمان وجنوده، ولا ‏نزوره الآن إلا في كوابيسه‎!‎
وها نحن، بفضل الله، نتحشد بالملايين في ساحاتنا، وعلى مرأى من ‏العالم. قمنا حرفيّاً بمسح كرامة أمريكا -فتوة العالم- في أرجاء البحر وفي ‏أنحاء المحيط‎!‎
إنهم يا صديقي يستأذنون الآن منا، فقط لنسمح لهم بسحب سفائنهم ‏المحترقة!‎
نعم، تسع سنواتٍ والعالم كله علينا؛ لم يكن حتى على الحياد! وخلالها كنّا ‏نفرح بمن يقول بأنه ليس معنا، لكنه في الوقت نفسه ليس علينا؛ لكننا قط ‏لم نكن وحدنا، ولم نشعر يوماً بأننا وحدنا، ولم يداخلنا شكٌّ في حتميّة ‏النصر.‏
وكنت وقتها أكتب مقالاتٍ، ومن ‏تحت القصف أقول بثقة: إنه نصر الله آتٍ لا محالة‎!‎
كلنا هنا -باستثناء أراذلها والمهزومين- كنا نؤمن بهذه الحقيقة، تماماً‎!‎
كل المحتشدين كانوا يحتشدون وقتها في الميادين أيضاً، وإن بأعدادٍ أقل ‏من حشود ميدان السبعين، ويهتفون بأن صنعاء بحول الله منصورة، كما ‏يهتفون الآن لغزة.‏
وأمّا لماذا كانت حشودنا في وقتها أقل، فإن اليمني عادةً يتعصّب مع فلسطين أكثر من تعصبه مع مصالحه الذاتية، ولا يعني ‏هذا أنه مهملٌ بشأن حقوقه؛ إنه ينتزع حقّه من بين أنياب الأسد، لكنّه على ‏نصرة أخيه أحرص.‏
ولكنها فلسطين، تحتل ثلاثة أرباع قلبه، فيما يبقى ربعه الرابع موارباً ‏لنوائب الدهر، ما يلاقيه من مستجدات، ولأوقات الحاجة.‏

أترك تعليقاً

التعليقات