أذلاء العرب
 

مصطفى عامر

مصطفى عامر / لا ميديا -
‏وصل الحجّاج بن يوسف ذات يومٍ إلى أطراف مكّة، هناك حيث تحصّن عبدالله بن الزّبير. قصف البيت الحرام بالمنجنيق، حتى تصدّع جدار الكعبة. عاد إلى بيته. حكم العراق إلى ما شاء الله، ولم ينبس أحدٌ ببنت شفة.
وفي فترةٍ ما، في العصر الأموي، كان الوليد بن يزيد يشرب الخمر، تأخذه النّشوة فيضرب المصحف بالسّهام، يمزّقه، يقول شعراً قبيحاً في كافّة مقدّسات المسلمين. ولأنّه كان في ذلك الوقت هو الخليفة، فقد كان الفقهاء يقولون بأنّ طاعته واجبة، وكان النّاس يقولون: «آمين».
مرّ وقتٌ طويل بعد وفاة الوليد، وسقطت القدس، ثمّ كان أن مات بيريز، صاحب مجزرة قانا. ذهب العربُ الأذلاء للبكاء عليه؛ عباس بالذّات والسفير المصري كانا يبكيان بحرقة.
صعد نتنياهو فيما بعد إلى المنصة. رحّب بالحاضرين جميعاً. التفت نصف التفاتة إلى جيرانه العرب. قال بهدوء العارفين: عفواً! وجودكم غير مُرحّب به.
هؤلاء هم أذلاء العرب. يمكننا سرد حكاياتهم حتّى الصّباح، وهي بالمناسبة سلسلةٌ طويلةٌ من الحكايات المُخزية.
فحينما دخل المغول إلى بغداد، كانوا يمارسون رياضة الركوع أمام هولاكو. وحينما ذهبت أميركا إلى بغداد كانوا أيضاً يمارسون الرياضة ذاتها. حينما دمروا ليبيا ومزقوا سورية ويتحشّدون على العراق واليمن، كانوا -بالطبع- يمارسون الرياضة ذاتها.
في تموز 2006 ومنذ أكتوبر 2023، وعبر التاريخ، يمارسون الرياضة ذاتها. ولهذا فقد تخشّبت فقرات عمودهم الفقري تماماً، ولو انتصبوا يوماً واحداً -لا سمح الله- فإن فقراتهم القطنيّة تتمزق!
الأذلاء إذن، حتى بتكوينهم الجسماني، لا يستطيعون رفع رؤوسهم. هم كالبغال وكالحمير؛ «لتركبوها وزينة». هم فقط، بين الفينة والأخرى، يجتمعون صفاً ضدّ العرب الآخرين، الذين لا يركعون.
ولهذا فقد اجتمعوا على اليمن لعشرة أعوام، وعلى حزب الله في كلّ مناسبة، يدفعون تكاليف العدوان الصهيوني على غزة، ويصطفّون مع نتنياهو لكسر غزة، لتجدنّهم -لو أمعنت- أحرص منه على ذلك. وما الذي سيفعلونه بعد؟! حسناً، ما يفعلونه كلّ يوم يا عزيزي!
فقد حدث في بدايات القرن العشرين أن ثارت مشكلة الحدود بين أمراء الصحراء. نفد صبر السّير بيرسي كوكس، المندوب السّامي البريطاني. جمعهم في منطقة العقير. عنّفهم. كان عبدالعزيز بن سعود بالذّات يبكي أمام المندوب السّامي مثل طفل عنّفهُ أبوه. فيما بعد أخذ السير بيرسي كوكس عصا، ورسم خطّاً على خريطة مرسومة على الرّمال، وقال للجميع: هذه حدودكم، فانصرفوا!

أترك تعليقاً

التعليقات