ثبات البوصلة
- مصطفى عامر الأحد , 5 أكـتـوبـر , 2025 الساعة 1:07:54 AM
- 0 تعليقات
مصطفى عامر / لا ميديا -
منذ بدء الطوفان، أي: منذ عامين، يتكرر المشهد كل جمعة، لا في صنعاء وحدها، وإنما في كل جغرافيا السيادة الوطنية؛ وبكل بساطة: لأن بوصلة القيادة لا تختلف عن بوصلة الناس، ولأن صنعاء لا تركع إلا لله.
حتى في مناطق بلادنا الخاضعة لاحتلال، بالتأكيد فإن أفئدة الناس مع غزة تفور، لولا أن بوصلة المحتل ونعاله مختلفة، قبلتها ترامب، ومعبودها نتنياهو، فيما يعبد كلٌّ من أعضاء مجلس قيادة العليمي صنماً، وأحياناً صنمين، ولا يذكرون الله إلّا إذا اقتضت الضرورة، أو بحكم العادة.
أولئك الذين يعبدون وعلاً ويقدّسون عبهلة، ولغير اليمنيين؛ فعبهلة هو الأسود العنسي، نسخة أخرى عن مسيلمة الكذاب.
وبمنأى عن أراذلها وما يعبدون، فمنذ بدء الطوفان وكل ساحاتنا تتجمهر مليونيات لنصرة غزة، في الأسبوع مرّة، كل جمعة، وكلّ خميسٍ فإن سماحة السيد القائد يلقي كلمةً في السياق ذاته، ويدعوهم للخروج.
لأنه قائدٌ يبرئ أمام الله ذمته، ولا يخشى أن تنقلب الملايين عليه، لأنهم قرة العين منه، ولأنه بينهم قائداً على القلوب، سلطانه المحبّة، ولهذا فإنه يحتشد منذ عامين بشعبه نصرةً لغزة، ومنذ عامين فإن شعبه يحتشد نصرةً لغزة معه.
فليحاول أيّكم أن يفعل هذا، على أن القصة ببساطةٍ مختلفة.
إنك، وعندما تكون مع الله، فإن قلوب الناس تتحشد معك، وعندما تكون مع الشيطان فإن أحقادهم تتجمع عليك. ولهذا فلن تجد من حكام العار من يدعو شعبه للخروج؛ لأنهم جميعاً يخشون أن ينقلب الميدان عليهم.
وقبلها: لأنهم يخافون ترامب، ويعبدون نتنياهو، وبالطبع لن يفكروا -حتى في الأحلام- بدعوة الناس إلى الخروج نصرةً لغزة، وحتى شعوبهم. في المقابل، تشرّبت التبلد من حكامها، فيما يبدو، وبدا كأن لا دماء في عروقها اليوم حتى تفور، أو لعلها السكرة التي يدفعهم الحكام إليها دفعاً، والإلهاء عن غزة بكل ما يسلخ الشعوب عن ضميرها، ويقتل فيها جذوة الإيمان ولو إلى حين!
وعلى أيّة حال، فقد أزفت. وإذا كانت شعوبكم تفرّ الآن من غزة إلى مواسم الترفيه، وترقص من فرط خيباتها، وتسكر، فإن السكران يصحو، ويبكي، ويفور، ويغضب، ويندم، ويتوب، ويلعن في كلّ حالاته من أغواه، وقاده من قبلة المسجد إلى زاوية الحانة، وأسلم لذوي الزنّار مقاليد الحكم، وشرف القبيلة!
المصدر مصطفى عامر
زيارة جميع مقالات: مصطفى عامر