إسناد غزة..نصر لليمن وعزة للأمة
- حسن عردوم الثلاثاء , 13 مـايـو , 2025 الساعة 1:19:32 AM
- 0 تعليقات
حسن عردوم / لا ميديا -
مثلت مواقف اليمن الداعمة للشعب الفلسطيني في غزة محطة مفصلية في تاريخ الحضور اليمني الإقليمي، حيث أفرزت هذه المواقف نتائج ملموسة على المستويين السياسي والعسكري، وأسهمت في تعزيز موقع اليمن كقوة مؤثرة وصاحبة قرار، وسط متغيرات إقليمية ودولية متسارعة.
حيث استعاد اليمن دوره السياسي عربيًا ودوليًا من خلال موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ما عزز من قيمته الجيوسياسية في المنطقة، وأعاد تسليط الضوء على حضوره الإقليمي. هذا الموقف ترافق مع فرض سيطرة استراتيجية على مضيق باب المندب والبحرين العربي والأحمر، وهو ما رفع من أهمية اليمن في معادلات الأمن البحري العالمي.
في الجانب العسكري، شكلت هذه المواجهة فرصة لاختبار القدرات العسكرية المتطورة التي يمتلكها اليمن. فقد تم اختبار طائرات «يافا» المسيّرة التي اخترقت الدفاعات «الإسرائيلية» ووصلت إلى «تل أبيب»، إلى جانب تجربة صواريخ باليستية مثل «ذو الفقار» و«فلسطين»، وكذلك الصاروخ الفرط صوتي «فلسطين 2»، والصاروخ الفرط صوتي الذي استهدف مطار «بن غوريون»، في تطور نوعي غير مسبوق في تاريخ اليمن العسكري.
وعبر مواجهة مباشرة مع قوى عظمى كأمريكا وبريطانيا و»إسرائيل»، اكتسب اليمن خبرة عسكرية جديدة، واطلع على طرق المناورة المتقدمة التي تعتمدها هذه الدول، مما ساعده على تطوير تكتيكات قتالية فريدة مثل المناورة خارج الغلاف الجوي، واستهداف الأهداف المتحركة بالصواريخ الباليستية.
في السياق الإقليمي، استطاع اليمن تحييد بعض الدول التي كان من الممكن أن يستفيد منها العدو كالسعودية والإمارات ومنع استخدام أراضيهما كمنصات لاستهدافه، ما أسهم في تقوية أمنه الوطني والإقليمي. كما ساعدت هذه التطورات في توحيد الصف الوطني اليمني وإعادة توجيه البوصلة الشعبية نحو القضايا الكبرى وعلى رأسها فلسطين.
داخليا، كانت هذه المواجهة فرصة لكشف العملاء والمرتزقة والمتلبسين بالدين لخدمة أجندات خارجية، وتجسيد الشعارات الثورية عمليا عبر مواجهة مباشرة مع أمريكا و«إسرائيل»، ما أكسب «شعار الصرخة» بعدا ميدانيا حقيقيا.
على المستوى الدولي، فرض اليمن حضورا سياسيا وعسكريا فاعلا، وأربك التحالفات الغربية، مما أثر على موازين القوى في المنطقة، وساهم في تعزيز وتقوية الموقف التفاوضي لليمن مستقبلاً.
كما تمكنت بلادنا من كسر أدوات الحرب النفسية وتجاوز الدعاية الإعلامية المعادية، وهو ما ساعد في بناء وعي شعبي جديد حول الأمن المعلوماتي، وأساليب العدو في الحروب غير التقليدية.
تجربة اليمن في هذه المعركة أعادت الأمل للشعوب العربية بأن لديها القدرة على التأثير وصناعة النصر إذا ما امتلكت الوعي والإرادة، كما أعادت الثقة للشعب الفلسطيني بأن له ظهيرا عربيا حقيقيا يقف إلى جانبه في الميدان، وهو ما أسهم في الالتفاف الشعبي حول القيادة اليمنية في الداخل.
وعلى الصعيد الرسمي العربي، شكّل بروز اليمن وظهوره كقوة فاعلة في المنطقة إضافة نوعية للمشهد العربي، ونقطة قوة تصب في مصلحة جميع الدول العربية، خصوصا أن اليمن بقيادته تؤمن بأهمية الدفاع العربي المشترك، وتجسّد هذا الإيمان قولا وعملا، بعيدا عن أي خلافات أو حواجز. كما يُعتبر موقف اليمن المساند لغزة موقفا دينيا وإنسانيا وأخلاقيا نتجنب من خلاله وصمة العار التي ستلحق كل المتخاذلين والمداهنين.
ولكي نحافظ على هذا المنجز، يجب على شعبنا أن يلتف أكثر حول قيادته، ويدرك الجميع أن ما تحقق لا يروق لأعداء اليمن، الذين سيحاولون بكل الطرق النيل من هذه الإنجازات. وهذا يستدعي يقظة دائمة ووعيا عاليا ونشاطا مستمرا، إلى جانب العمل الجاد لإصلاح مؤسسات الدولة، ومحاربة الفساد، والمضي نحو التكامل الوطني والبناء في المجالات الحيوية، مثل تحقيق الاكتفاء الذاتي زراعيا وصناعيا، والانخراط في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، ومواكبة التطورات العلمية، مع إعطاء أهمية خاصة لمراكز البحث العلمي باعتبارها ركيزة للنهوض والتطور.
المصدر حسن عردوم
زيارة جميع مقالات: حسن عردوم