مأزق الناهب الدولي
 

روبير بشعلاني

روبير بشعلاني / لا ميديا -
نشر اللواء احتياط ماير فينكل ، رئيس قسم الأبحاث في مركز «دادو» التابع للجيش الإسرائيلي» - إدارة قسم العمليات، مقالة عن الحرب الأخيرة من زاوية مفهوم «تصور الحرب» لدى الطرفين، وربط بين تصوراتهم واستراتيجيات الجيش «الإسرائيلي» الحديثة، موضحاً أن الفجوة بين تصوّر «محور المقاومة» واستراتيجية «إسرائيل» الحقيقية أدت إلى أخطاء كبيرة في التقدير وأثرت على قدرة المحور على التكيف سريعا مع الواقع العسكري الجديد .
ويشير الكاتب إلى قيام بلاده بتغيير نمط الحروب السابقة نحو حرب الحسم النهائي، فيما بقي المحور أسير التجارب السابقة لعمليات تحت عتبة الحرب» .
من هنا المفاجأة بحسب الكاتب . الحقيقة أن الكاتب يتناول النتائج كأسباب ويرى فيها عوامل تشرحردود فعل الأطراف. وبدلا من أن يطرحالسؤال حول سبب انتقال «بلاده» إلى استراتيجية الحسم وسبب بقاء المحور في الحرب المحدودة والمتدرجة» راحفورا إلى تفسير النتائج بالظاهر منها والذي عزاه إلى ذكاء» قيادة جيشه و «غرور » قيادات المحور الذين كانوا يملكون أدوات الردع الكافية برأيهم.
ما طرحه الكاتب دقيق ومهم. فما يلاحظه ليس خطأ؛ لكن أسبابه ليست ذكاء البعض وغرور الآخر إنما هو انعكاس لطبيعة الصراع وإدراك كل طرف لدوره فيه .
فالمخفر ليس إلا أداة من أدوات الناهب الدولي في المنطقة. وأما تحوله نحو الحسم فهو نتيجة لمأزق الناهب الدولي الذي قرر الانتقال إلى الهجوم الواسع بدلا من البقاء في وضعية الانتظار، تلك الوضعية التي جعلته يخسر كل هيمنته على الكرة الأرضية بشكل تدريجي وأكيد .
الناهب الدولي، الذي لاحظ انفلات العالم من بين يديه، قرر استعمال آخر ما تبقى لديه من أوراق في سبيل تأخير «الساعة» ، أو محاولة قلب المعادلة. ودور المخفر هنا مركزي في هذه المراجعة. المسألة ليست ذكاء مستجداً، وإنما تكيف مع المهمات الجديدة للدور.
أما بقاء المحور في استراتيجية ما دون الحرب فليس لأسباب تقنية، ولا نفسية (غرور وما شاكل، بل لأنه بقي عند إدراكه السابق حول طبيعة الصراع .
فالمخفر لا يمكنه البقاء في الوضعية السابقة؛ لأنه ببساطة لم يعد يمكنه تحمل عدم الحسم. ومن هنا قيامه بتوسيع جغرافيا هجومه الأخير ومحاولة إعادة كامل المنطقة إلى هيمنته .
تطور الصراع العالمي سوف ينعكس حكما على إدراك طبيعة الصراع، وعلى الاستراتيجيات المتبعة من جميع الأطراف .
وهذه لا تتطلب بالطبع مراجعة تقنية وعملياتية فحسب، بل تتطلب مراجعة سياسية لطبيعة الصراع ولأهدافه المستجدة وكيفية التعامل معه سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتحالفيا.

أترك تعليقاً

التعليقات