روبير بشعلاني

روبير بشعلاني / #لا_ميديا -

أولا: لأنه بمأزق وجودي واقتصادي خاص به وبمنطق رأسماليته التي تحولت من صناعية إلى مالية، من خالقة للقيم إلى مبذرة بها ومضاربة عليها..
منطقه الخاص وتحولاته جعلته منتجا للديون والأزمات والبطالة والكساد.
ثانيا: لأن عمليات نهب ثروات الشعوب التي كانت تتيح له إعادة إنتاج نفسه قد تضاءلت كثيرا، وشحّت، بسبب استقلال شعوب كبرى وصعودها، بحيث أنها ليس فقط حمت واسترجعت سيادتها على ثرواتها ومنعته من نهبها، بل تحولت إلى منتجة للقيم والفوائض والأرباح وإلى شريك كبير لعدد من الدول «النامية» في أفريقيا وآسيا وأمريكا نفسها.
ثالثا: لأن موجة التحرر الوطني العالمية لم تُسحق بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كما ظن البعض ممن ينحني للظاهر ويمجده بدون تبيّن ولا تمحيص.
رابعا: لأن التناقض بين ازدياد الحاجة للنهب من قبل الرأسمالية المالية البيضاء وبين الحاجات المتزايدة للموارد من قبل الشعوب المستضعفة، لأسباب على الأقل ديموغرافية ومعيشية، أذكى نار التحرر الوطني والاجتماعي لدى هذه الشعوب ودفعها نحو رفض الهيمنة والتنظيم والقتال من أجل استرجاع سيادتها على مواردها والتحكم بها.
صحيح أن الناهب الدولي لم يستنفد كل قواه بعد، وصحيح أنه يملك من السيطرة الفكرية والثقافية ما يجعله يلعب بعقول الشباب عندنا ويدفعهم إلى إشعال حروب وصراعات جانبية وثانوية أقرب إلى صراعات الغرب وأنماط معاشه منها إلى وضعنا التبعي، لكن هذه السيطرة وهذا التلاعب له حدوده وسقفه، هما حدود محدودية التمثيل الاجتماعي لهؤلاء الشباب وشرود مطالبهم عن الحاجات الحقيقية.
وصحيح أيضا أنه وبسبب من استشراقه يسيطر على بعض القوى الاجتماعية الأهلية عندنا ويلعبها أدوارا خطيرة تصل أحيانا إلى حدود الاشتباك الأهلي والقرابي الرحمي والروحي، لكن هذا اللعب له هو أيضا حدوده التي هي بالأخير حدود المصالح المشتركة العميقة لهذه القوى.
في منطقتنا حاول الناهب الدولي أن يعيد ترتيبها بما يتناسب مع وضعه الجديد وحاول عبر الربيع العربي أن يصل لشرق أوسط جديد وفشل.
الآن انتقل إلى مرحلة التدخل المباشر والنهب العلني والابتزاز. هذا الانتقال الهجومي لم يترك لحركة التحرر في الإقليم إلا الانتقال إلى إعلان الحرب على الهيمنة والعمل على اقتلاعها نهائيا من منطقتنا.
لقد دخلنا بمرحلة صراع أعلى جديدة هي معركة التحرر الكاملة.
منطق التاريخ وموازين القوى وتحولات الكون عوامل تقول إن الناهب الدولي يلفظ أنفاسه الأخيرة، أقله في إقليمنا الواسع.


* كاتب لبناني.

أترك تعليقاً

التعليقات