صلاح العلي

صلاح العلي / لا ميديا -

كما تبكي كربلاء فقدان فاضلها، تبكي «بني معاذ»، سحار، صعدة، اليمن، فاضلها. كان لـ«أبو الفضل» الصماد حسينه كما كان لـ«أبو الفضل» العباس حسينه. بين ذاك العصر والعصر الحاضر قامت واندثرت حضارات وأمم وتقلبت الأحوال وتغيرت الموازين وانقلبت الأعقاب والذمم والضمائر والعقول، غير أن «أبو الفضل» كان واحداً متوحداً في باطنه وظاهره، في سره وعلنه، وراهنه وماضيه وقادمه، جواداً بقلبه وعينيه وحياته و»يديه الطائرتين».
حين سمع العباس رقية تستقيه الماء بعد أن حاصر بن ذي الجوشن وبن سعد لعنهم الله أهل البيت، ذهب إلى الإمام الحسين (ع) يخبره بحال رقية وباقي أهل بيته. يتحسر الحسين أخاه ويتمنى عليه ألا يذهب، غير أن «أبو الفضل» والجود ألح على الذهاب للواجب المقدس.
وحين حوصرت الحديدة بالطوق الأمريكي الإمبريالي الصهيوني لعنهم الله وخذلهم وأخذوا يشعلون لياليها بنار حقدهم ويقذفون ساحاتها وأبنيتها بمقذوفات الترسانات المحتشدة حولها ويسعون عبر مسوخهم المنحلة لتخريب أمنها وتماسكها من الداخل؛ أسرج أبو الفضل والجود شهيدنا ورئيسنا وسيدنا صالح الصماد ركابه نحو عروس البحر الأحمر، غير آبه بالحتف أيان يقبل، فيما سيد الثورة المولى عبد الملك الحوثي يتمنى عليه ألا يذهب، بيد أن الواجب العظيم والمسؤولية المتجسدة في شخص الشهيد الرئيس وإحساسه بالخطر المحدق وضرورة المجازفة أيا تكن نتائجها جعله يخوض غمار الحصار والموت المنسكب على المحافظة، رافضاً إلا أن يكون في ركب قافلة العشاق الحسينية، وكيف بـ»أبو الفضل» ألا يكون؟!
كما كان أبو الفضل العباس قمر بني هاشم، كان أبو الفضل الصماد قمر المسيرة القرآنية وقمر اليمنيين في أحلك أوقاتهم.. وسأتجرأ على القول على لسان سيدي ومولاي السيد عبد الملك الحوثي ما قاله بن إمامنا الأعظم الإمام الحسين عليهم السلام حين استشهد أخوه العباس وحامل رايته وهو يمسح التراب والدم من على وجهه الشريف: «الآن انكسر ظهري». والحق أن ظهورنا أجمعين انكسرت، لكن سيد الثورة بقوة الله ورعايته يجبر كل كسر يصيبنا والله جابر كسره ومصابه.
إنها واحدة، طف العراق وطف الحديدة، والقافلة والمسؤولية والمظلومية واحدة، والحسين هو ذاته الحسين، وأبو الفضل والجود هو ذاته بين الأمس واليوم في اتصال لا ينفصم. ودماؤهما تواصل العصف بقوى الطغيان والاستكبار الأموي اليزيدي الإمبريالي الصهيوني حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
فيا لعظم الفقد والفراق والأسى والحزن والخسارة يا رئيس الشهداء، يا أنبل بني البشر! ولن يمر قاتلوك بسلام. فسلام عليك يوم ولدت ويوم ارتقيت إلى جوار الرفيق الأعلى ويوم تبعث حيا، وأنت فينا حي لا تموت.

أترك تعليقاً

التعليقات