محور المقاومة يردع قوى العدوان
 

غالب قنديل

غالب قنديل / لا ميديا - 
في الأشهر الأخيرة نشر الإعلام العبري عشرات المقالات والتقارير، التي تتناول سجال الصراع والمعادلات على جبهة لبنان، وهو ما يدل على أن عقدة العدو تجاه تنامي قدرة المقاومة ومعادلاتها الرادعة تتعاظم وتتوسّع. وقد فاقمها مؤخرا هاجس الصواريخ الدقيقة والنُّقطية، التي أعلن عنها قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله، والقادرة على إصابة أيّ نقطة في الكيان. ويعلم الخبراء الصهاينة وجنرالات الجيش، بشاهد التجارب الطويلة والمتكررة، مدى دقّة ومصداقية ما يعلنه السيد نصر الله، البعيد كليا عن مألوف أساليب التهويل والمبالغة الكلامية.
أولا: إن الصواريخ الدقيقة، التي أعلن قائد المقاومة أنها باتت في حوزة آلة عسكرية منظّمة، خبرها العدو، تتقن فنون التّمويه والإدارة الحربية الجيدة، ولديها منظومة استعلام واستخبارات جرّب العدو كفاءتها في قلب النزال، وفي جولات الحروب، وما بين الحروب على جبهة لبنان. وهذا بالذات هو مصدر المصداقية العالية، التي تتسم بها المعلومات والمعادلات المعلنة على لسان قائد المقاومة في جميع دوائر التخطيط والقيادة الصهيونية، التي تدرك وبدقة، أن قائد المقاومة لا يلجأ إلى التهويل و"البهورة" في إدارة الصراع، وفي حربه الإعلامية المدروسة والمتقنة، الموجهة بصورة أساسية إلى داخل الكيان الصهيوني.
ففي كلّ جولة جديدة من الصراع كان الصهاينة يسجّلون للحزب احتفاظه بعناصر قوة أخفاها ليفاجئهم بها في المعارك الفاصلة. وقد باتت المفاجآت عنصرا أساسياً يميّز أسلوب الحزب في إدارة الصراع مع العدو. وهذا بالذات عنصر قوة حاسم للبنان ولحلفائه في محور المقاومة، حيث تشعّ عناصر القوة اللبنانية، لتهب الحلفاء وشركاء المصير في سورية وفلسطين والعراق واليمن عنصر قوة حاسماً، يمكن الاستناد إليه في كبح الجموح الصهيوني، ورسم حدودٍ لقدرة العدو على العربدة في أيٍّ من جبهات الصراع.
ثانيا: إن في حزب الله حشدا من الشباب والكهول، يكرّسون ليلهم ونهارهم في مراكمة المزيد من عناصر القوة، وبناء منظومات الدفاع والردع وإبقائها على أهبة الاستعداد لمجابهة العدو. وقد طوّر قائد المقاومة السيد نصر الله أسلوبا نوعيا في الردع الاستباقي.
حتى اليوم تمثّل مفاجآت السيد نصر الله ومجاهدي المقاومة هاجس التحسّب الصهيوني، والقلق المستمر في ثنايا التأهّب واحتمال الاشتباك. وكل محاولة صهيونية للعربدة ولخرق معادلات الردع خلال السنوات الماضية تكسّرت في سياق السجال مع حزب يصل قادته ومجاهدوه الليل بالنهار في العمل المثابر لبناء منظومات الردع، وتطوير الخبرات والتقنيات. وهذا أمر غير مسبوق في سجال الصراع والحرب منذ النكبة، لم يعتده الصهاينة، الذين تربعوا على منظومة قاهرة منذ نكسة حزيران 67 وهزّتهم مبادرة حرب تشرين 73، ولكن العقدة التي مثّلها أداء حزب الله واستراتيجياته في إدارة الصراع، وتحالفه الوثيق مع سورية والمقاومة الفلسطينية في إطار منظومة إقليمية رادعة، شكّل سرّ انقلاب كبير ونوعي في البيئة الإقليمية.
ثالثا: للمرّة الأولى منذ عام 1948 يواجه الكيان الصهيوني انقلابا شاملا في معادلات الصراع. فمحور المقاومة بات يحتفظ باليد العليا. وشكّل انضمام اليمن إلى معاقل القوة والردع الداخلة على خطّ التوازن والصراع في جبهة التصدّي للصهيوني إضافة نوعية ثقيلة، تؤرق العدو وظهيره الأمريكي. وهذا أحد أسرار الاهتمام الاستثنائي، السياسي والإعلامي، بمتابعة ما يجري في اليمن، وما يراكمه المحاربون الأشدّاء من عناصر القوة، وكذلك ما يعبّرون عنه من هوية تحرّرية عربية واضحة ملتزمة بقضية تحرير فلسطين.
إن التراكم الجاري في سياق الصراع العربي الصهيوني، وبصورة خاصة في مثلث (سورية ولبنان واليمن)، وفي ظل ما هو حاصل على مستوى حركة المقاومة الفلسطينية، يؤسّس لانعطافة كبيرة، ولتوازنات جديدة في الصراع العربي ـ الصهيوني.
نحن اليوم على يقين بأننا بتنا عشية انقلاب استراتيجي عظيم لصالح محور المقاومة والتحرّر في المنطقة، واليد العليا في المعارك المقبلة وفي سجال الصراع السياسي بين معسكر المقاومة والتحرّر وحليفه الإيراني الموثوق وبين الكيان الصهيوني وظهيره الأمريكي، محسوم في أفقه لمصلحة محور المقاومة والتحرّر في منطقتنا، وبالتالي فإن المطلوب اليوم هو الالتفاف حول خيار المقاومة والتحرّر، وتحصين المعادلات الوطنية، التي تحمي وتصون جحافل المناضلين والمقاتلين الأشدّاء، المدافعين عن كرامتنا وشرفنا والساهرين على تكتيف العدو ولجمه.

* كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات