اليمن منارة وركن في محور المقاومة
 

غالب قنديل

غالب قنديل / لا ميديا -
تتسارع الأحداث ويقترب اليمن المقاوم من انتصاره التاريخي الذي سيكون نذير انبثاق دولة عربية صاعدة ومنيعة تلتزم بقضية فلسطين وتضيف قوة نوعية حاسمة إلى محور المقاومة في المنطقة نتيجة الموقع الجغرافي والاستراتيجي والوزن السياسي المكتسب والقدرات والخبرات التراكمية التي أظهرتها المعارك بين اليمنيين وقوى العدوان.
تدرك القيادة اليمنية الترابط العضوي بين استقرار بلدها وازدهاره والوضع الإجمالي للصراع الدائر على امتداد المنطقة في ظل الصراع المفتوح بين قوى الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وعملائها وبين القوى الوطنية التحررية في الوطن العربي ومشرقه خصوصاً، وهذا ما تعززه حرارة الالتزام المعلن بقضية فلسطين وتبني حركة أنصار الله لشعارات رفعها المقاومون في لبنان وفلسطين، وتبنيهم لمواقف قومية هو إشهار هوية وانتماء معلن إلى محور المقاومة بغض النظر عن تفاوت حرارة تعاطف أطراف المحور الآخرين مع القضية اليمنية. ولا شك أن أسباب ذلك مردها رغبة البعض في عدم التصادم المباشر مع الموقف السعودي الشرس وهو سوف يغدو أكثر مزقا مع حلقة الهزائم المستمرة ومتلازمة الفشل المتجدد والانكسارات الحرجة في الميادين اليمنية. وتتجمع عناصر التحول في المشهد اليمني التي ستفرض استدارة سعودية وربما تولد انقلابات في البلاط كما يحصل دائما في بؤر الاستنزاف الممتدة والمكلفة، والمشغل الأمريكي نفسه لن يتوانى عن تدبير انقلابات تيسر له مخارج لبقة من حلقة الهزيمة والخسارة. وعلى القيادة السعودية الاعتبار من المآثر الأمريكية، لأن مسلسل انقلابات البلاط هو ما ينتظرها بشكل محتوم حين يقتنع المخططون الأمريكيون بضرورة إنهاء الحرب والتخفف من تداعياتها الخطيرة في ظل اليأس من حصادها وعائداتها المحتملة.
إن تطوير التفاعل والتعاون بين أطراف محور المقاومة كان الرافعة والمحفز لإنجازات كبرى في المنطقة وعلى مستوى الدفاع عن سورية في وجه العدوان الاستعماري الرجعي طيلة سنوات عاصفة وحافلة. وكان لذلك التضامن وللحلفاء، وخصوصا إيران وروسيا وحزب الله، دور حاسم في ملاحم ومعارك بطولية مشهودة دفاعا عن سورية. وبالتمام فإن ما يقدمه المحور من دعم مادي ومعنوي للمقاومة الفلسطينية هو محفز صمودها وإنجازاتها الميدانية والسياسية التي دفعت الكيان الصهيوني إلى مأزق خطير وأطلقت تحولات هائلة في المشهد الاستراتيجي وتوازناته، وقد تواترت الاعترافات الصهيونية حولها في السنوات الأخيرة، بل إنها مبعث القلق الوجودي الذي يحكم التفكير الاستراتيجي في "الدولة العبرية".
كان حرص أطراف المحور على عدم المأسسة الجبهوية واستبدالها بترابط تفاعلي شبكي تجسيدا لحكمة وعقلانية تبني على الخبرات وتعلي البعد الواقعي على المشهدية الشعاراتية، وهي عبرة وحكمة تعكس تمثلا لدروس التجارب السابقة لحركة التحرر العربية. ولعل هذه الخاصية هي اليوم وسم مميز لأسلوب القيادة اليمنية ونهجها في إدارة الصراع. لكن ذلك لا يمنع قيادة حزب الله من البحث مع سائر الحلفاء والشركاء في تطوير علاقات مباشرة وقيادية مع أنصار الله، ونأمل أن تقوم بهذه المهمة مباشرة، فهي الجهة التي تحظى بثقة جميع الشركاء والحلفاء وتملك قدرة عالية ونوعية على التأثير والموالفة في مد الجسور وبناء الثقة المتبادلة. ومهما استغرق هذا الجهد من الوقت فهو يستحق الاهتمام والعناية، نظرا لقيمته الاستراتيجية النوعية وانعكاسه على التوازنات.
كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات