الحثالة الملكية (1)
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي

قبل أسابيع خاطب ترامب ملك السعودية بلغة تهكمية قائلاً له: لولا حمايتنا لما صمدتم أسبوعين.. وطالبه بالمزيد من المال.
طموح ترامب لأخذ أموال السعودية ليس جديداً، فمنذ أكثر من عشرين عاماً كان ترامب يتحدث في معظم اللقاءات الصحفية أو التلفزيونية بأن الخليج لديهم أموال كثيرة، وعليهم أن يدفعوا لأمريكا مقابل حمايتهم.
بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية كانت أول زيارة له إلى السعودية. ذهب برفقة ابنته الجميلة وعاد بأربعمائة وستين مليار دولار. بررت السعودية هذه الصفقة بمبررات كثيرة، بينما عاد ترامب مبتسماً لتحقيق طموحه القديم بانتزاع كل هذا المال الذي لم يحلم به رئيس أمريكي من قبل.
لا يكتفي ترامب بأخذ المال من بني سعود بصمت، فهو يشتمهم في معظم خطاباته، ويصفهم بالبقرة الحلوب التي سيقوم بذبحها حين يتوقف حليبها. وتارة يسخر منهم ومن بلادهم ومن أموالهم الضخمة التي يؤكد دائماً أنه لا بد أن يكون لأمريكا نصيب منها.
لا مبرر لكل هذا الابتزاز الأمريكي للسعودية. ولم يكن ليتحقق طموح ترامب في شفط كل هذا المال لولا العدوان على اليمن، لأنه الورقة الرابحة بيد من أشعلوا فتيل هذه الحرب التي لم تنطفئ حتى اللحظة، فها هي السعودية عاجزة عن إطفاء هذه الحرب التي امتدت إلى أراضيها ومدنها وقراها، وها هم يخربون بيوتهم بأيديهم في الربوعة ويمشطونها بالأباتشي بحثاً عن ثمانية مقاتلين يمنيين أسقطوا الربوعة ببنادقهم التي صنعت معجزةً لا تستوعبها الدبابات والمدرعات.
أرادت أمريكا أن تغذي خزائنها بالمال، فدفعت السعودية لتخوض حرباً مع اليمن، جارتها الأقرب والأفقر. لم تدرك السعودية هذه الورطة حتى بعد أن أيقنت أنها لم تستطع أن تحقق أهدافها من شن هذا العدوان الذي يقترب من عامه الرابع، وأنها لن تستطيع أن تنتصر على هذا الشعب، حتى بعد تدميرها لمخازن الأسلحة والطائرات والصواريخ اليمنية.
حشدوا أسلحتَهم على الحدود، ليرهبوا اليمنيين بهذا الكمِّ الهائل من الأسلحةِ الحديثةِ والدباباتِ والمدافعِ والقناصاتِ والإعلامِ الذي يحاولُ أن يصنعَ إرهاباً بهذه الحشود، في مشهدٍ يُذكِّرُ بسحرةِ قومِ فرعون الذين استرهبوا الناس وجاؤوهم بسحرٍ عظيم، ثم سقطوا في أول لحظةٍ أمامَ عصا موسى.. هي مجردُ عصا لكنها كلُّ الحق، وهم كلُّ الباطل.
كان قراراً طائشاً، وعدواناً سافراً على شعب يمني مسالم لم يعتدِ على أحد منذ آلاف السنين. شعب يعرف معنى حسن الجوار، ويؤمن بالسلام وبحق الشعوب في تقرير مصيرها، ولم يتدخل في حق أي شعب، لأن الشعوب التي ينوب عنها سواها هي شعوب عاجزة، وليس هناك أعجز من المملكة السعودية التي تنوب الجيوش بدلاً عن جيشها في عدوانها على اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات