«المهافيف» السبعة!
 

عدلي عبد القوي العبسي

عدلي عبدالقوي العبسي / لا ميديا -
جاء في قاموس «تاج العروس» و«لسان العرب» أن الهَفّافُ كشَدّادٍ من الحُمُرِ: الطَّيّاشُ، وفي الحَدِيثِ: أَنَّ الحَسَنَ ذَكَرَ الحَجّاجَ فقالَ: ما كانَ إلا حِماراً هَفّافاً. وهو الخفيف الشفيف.
والمهفوف في لهجات اليمن الدارجة هو الإنسان خفيف العقل كثير الطيش الذي لا تؤمَن عواقبه وردود أفعاله. ويقولون فلان به هفة، أي خفة عقل.
وحديثي هنا هو عن البلاء الذي تعيشه شعوب المنطقة، بلاء وجود الحكام المجانين المنفلتين بلا عقل أو ضمير أو وازع، الذين يتمتعون بالغباء السياسي وقلة الذكاء الإنساني وانعدام الفطنة، ولا يخضعون لأي منطق عقلي ولا لحسابات سياسية واقعية أو حكيمة.
هؤلاء إذا مروا بمنعطف أزموي سياسي كبير واشتدت عليهم المخانق السياسية من كل جانب تجدهم يرتبكون ويعجزون عن تقدير الموقف ويغرقون في ذهنية ونفسية المؤامرة، وإذا ما سقطوا أو اقترب سقوطهم أو اهتز حكمهم لا يفهمون أن واقع الهزيمة ونتيجة الفشل يأتي كمحصلة طبيعية ومنطقية لما اقترفوه من جرائم وأخطاء، وتسببوا به من هزائم وفشل ذريع على كل الأصعدة، وما مارسوه من سياسات ظالمة بحق شعوبهم أو شعوب الجوار، فيكابرون وينكرون ويقامرون بسبب استبداد الغرور بهم وقلة فطنتهم وضعف نفوسهم، ولهذا سرعان ما ينفجرون عند أول «فرقيعة» لتحدث بعدها القرارات السياسية الكارثية والطامة الكبرى!
فيعمدون إلى تفجير الوضع بطريقة شمشونية أو نيرونية، فيجلبون بهذا الخراب والكارثة لأوطانهم وللجيران أيضاً.
وقد خبرنا البعض منهم الذين رحلوا عنا تاركين لنا انطباع الأسف والصيت السيئ، ومايزال هناك غيرهم ممن هم على الشاكلة والدرب، وفي الغالب تجد الكثير منهم يسهل التلاعب بهم وخداعهم وتضليلهم ونفخهم من قبل بطانة السوء وأصحاب الأهواء والمصالح الضيقة وغير المشروعة من مافيات أو مراكز قوى ودوائر نفوذ محلية وخارجية. 
هم سطحيو الثقافة، رجعيو الفكر، جهلة لا يفقهون شيئا في التاريخ أو السياسة أو الفكر أو الاجتماع والاقتصاد. عديمو التربية والأخلاق، فاقدو الكفاءة والأهلية، وصلوا إلى الحكم في أزمنة الغفلة أو بتدبير من دوائر استعمارية عليا ومافيات شريرة وفي سياق من التأهيل والتلميع والتطبيل، لكنهم في الأساس ظاهرة سياسية يفرزها المجتمع المأزوم نفسه، ويصعدون إلى رأس السلطة كخدام لطبقاتهم الحاكمة المتنفذة، والبعض من هؤلاء الحكام يهرف بما لا يعرف في خطبه السياسية حين يتحدث عن خصمه الآخر أو حين يصف أو يشخص واقع مجتمعه المأساوي ويغرق في سيل التبريرات الواهية التي يسوقها للتغطية على خيباته المتكاثرة.
هؤلاء الساسة يخضعون أثناء إطلاق الأحكام والآراء إلى تصورات مسبقة اكتسبوها نتيجة التعبئة الأيديولوجية الخاطئة المضللة، والخطاب السياسي المشحون المبرمج في دوائر الاستخبارات والأمن وأروقة الحكم الخفي.
الكثير من هؤلاء لديه دهاء المكر والخبث، وفطنة الأذى، فيجيد فن التخريب والوقيعة والدسائس والتحريض وتوظيف التناقضات سياسيا بين القوى والمكونات السياسية والاجتماعية واللعب على وتر الكراهية، ويجمع حوله أشتات البهائم والمرتزقة والانتهازيين من كل لون وصنف،  وأحياناً وربما كثيرا فإن هؤلاء الحكام ينفذون ما يملى عليهم من فوق من أسيادهم الإمبراطوريين!
وفي السنوات الأخيرة في الشارع اليمني وفي المقيل اليمني أثناء الحديث اليومي في الشؤون السياسية والأخبار اليومية تلاحظ كثرة تداول الوصف الشهير لهؤلاء الحكام بـ«المهافيف»، ويعرفهم الشارع اليمني والعربي على أنهم الحكام المجانين في منطقتنا وفي العالم الذين يقودون المنطقة بسياساتهم المجنونة والحمقاء إلى الخراب والهلاك.
كما قلنا تحركهم نوازعهم الخبيثة وأهواؤهم الفاسدة في إطار من خدمة سياسات الإمبريالية والصهيونية التي كثيرا ما تدعمهم سرا وعلانية. هم أساساً يمثلون مصالح طبقات اجتماعية حاكمة فاسدة ومأزومة تدفع إلى واجهة الحكم بأمثال هؤلاء الأراجوزات أو الدمى المتحركة.
نعم هم شعبويون يمينيون فاشيون عصبويون بامتياز، وحكام فاشلون فاسدون فاقدو الأهلية والرؤية السياسية السليمة، قراراتهم هوجاء مرتبكة، مزاجية في كثير من الأوقات، حكام مغرورون يظنون صوابية أفكارهم ومواقفهم وسياساتهم، لا يصغون لأصوات العقلاء ولا يكترثون لرأي الخبراء من كوادر ومراكز وأبحاث ومثقفين ووجاهات، يتشبثون بالحكم وتجدهم مستعدين لأن يضحوا بكل شيء حتى مصلحة دولهم وشعوبهم في سبيل بقائهم على سدة الحكم! هذا إن كانوا يحكمون أصلا، وما هم في الحقيقة إلا خدام وعبيد لغيرهم وأدوات سياسية بيد قوى ولوبيهات محلية وخارجية تعمل في السر والعلن.
هؤلاء المهافيف يمكن أن تعد الآن سبعة منهم: ترامب، نتنياهو، أردوغان، ابن سلمان، ابن زايد، السيسي، عبد ربه هادي. ومصيرهم منذ الآن وإلى المستقبل القريب هو حتما مزبلة التاريخ، وارتقب فإن غدا لناظره قريب.

أترك تعليقاً

التعليقات