عدلي عبد القوي العبسي

عدلي عبد القوي العبسي / لا ميديا -
عندما يهاجم الوطنيون الشرفاء والمناضلون الثوريون والكتاب الملتزمون أمريكا فإنهم يقصدون  بذلك تلك المجاميع المجرمة من نخب الشر والجبروت، عسكر وأمنيين وساسة ومثقفين خالفوا مبادئ العقل والضمير الإنساني، ومعهم قطعان الجهلة من التابعين لهم وشرعوا يرتكبون ويبررون أبشع الجرائم وأقذر السياسات بحق الشعوب الأخرى. ولا يقصدون أبداً ملايين السكان الأبرياء الذين لا صلة لهم بهذه النخب الشريرة الضالة وبالنظام السياسي الرجعي الفاشي والدولة البورجوازية الإمبريالية ومؤسساتها القمعية الفاشية التي تمارس الطغيان والفساد في الأرض، وتتسبب في معاناة رهيبة لشعوب الأرض كافة جراء سياساتها العدوانية الهمجية الظالمة.
لا مجال للمقارنة بين بلد وشعب عظيم أنجب لينين وبوشكين، تحكمه في العادة نخبة رفيعة الثقافة وتمتلك قدراً لا باس به من الوعي الحضاري الإنساني حتى وإن كانت نخبة بورجوازية! لا يمكن مقارنتها مع القطعان، الحثالة من البشر التي تحكم وتقود وتوجه وترشد سكان جزيرة بحر الظلمات، أي المحيط الأطلسي.
وأي مثقف على وجه الأرض يظن بهؤلاء الظلماتيين من برابرة الأطلسي خيراً أو يكن لهم الإعجاب والود أو يجعل من نفسه صديقاً لهم ومؤيداً لسياساتهم فهو واحد من اثنين: إما ساذج وبليد، وإما جبان خائن. واللعنة كل اللعنة، لعنة الله ولعنة التاريخ، على كل من يمتدح دولة أمريكا ويدافع عنها إعلامياً وثقافياً أو يقف سياسياً وعسكرياً في صفها؛ فهذه الدولة وهذا النظام وتلك العصابات الشريرة هي الشيطان بعينه.
وأحب أن أقصد بالشيطان هنا ذلك الكائن أو الكيان أو النظام الذي تتحكم به وتستبد به أطماعه الهمجية، والذي يجانب العقل في أفعاله ويلهث وراء المال والمصالح غير المشروعة، ولا يهمه إن كان نيل أهدافه الخبيثة على حساب حياة وكرامة وحقوق الآخرين.
وإذا أردت أن تجد تعريفاً للشيطان أو تجسيداً مادياً له فهو هذا الثالوث القذر: الدولة والنظام السياسي ومجاميع الغطرسة والفساد.

الشيطان يشيطن خصومه!!
يبدو الأمر مضحكاً ومستفزاً في آن معاً، أن يقوم الشيطان نفسه بشيطنة خصومه المناوئين له، المناوئين لممارساته الإجرامية الشيطانية.
أمريكا حقاً هي الشيطان الأكبر، ومن وصفها بهذا الوصف أبداً ما ظلم، فهي التي اخترعت الشيطنة وأنتجت الشيطنة وعممتها على جميع بلدان العالم، ثم راحت تتباكى وتشجب وتندد بالممارسات الشيطانية التي اخترعتها هي وروجت لها وشجعت على استخدامها، ثم راحت تولول خائفة من استخدام خصومها للأساليب الشيطانية ذاتها معها!
تمرد عليها حتى إخوانها الشياطين الصغار في كل مكان، حتى في الخليج ومصر وتركيا ودويلة الكيان الصهيوني، فراحت تمتعض وتشمئز وتشجب وتندد وتهدد.

إنجازات الشيطان الأكبر
إذا نسيت عزيزي القارئ بعضاً من مآثر الشيطان الأكبر وإنجازاته التاريخية فإليك بعضاً منها:
وأولاً عليك أن تستخدم العدسة، ربما لتفحص عملة الشيطان (الدولار)، فالرموز الشيطانية الماسونية مرسومة على عملة الدولار منذ لحظة إنشائها قبل أكثر من مائتي سنة.
وأعطيك معلومة تاريخية هامة قد تنفع في تفتيح عينيك المخدوعتين بالمظاهر المادية ومعسول الكلام الشيطاني.
عندما تأسست أمريكا تأسس معها في الأثناء عشرات المحافل الماسونية الصهيونية، وتم استقطاب العشرات من قادتها ومؤسسيها الأوائل؛ بمن فيهم بعض قادة الثورة الأمريكية الكبار إلى هذه المحافل العنصرية التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب بتشدقها بحقوق الإنسان والحرية والمؤاخاة والمساواة، وفي الوقت نفسه تأييدها في واقع الأفعال لكل ما هو معاكس لهذه المبادئ النبيلة.
ولا حاجة بي لتذكيركم يا أصدقائي بالعديد من الأمثلة والأدلة، فلا شك أنكم تعرفون الكثير والكثير.
تعرفون طبعاً أن الشيطان الأمريكي العنصري قد نفذ جرائم إبادة جماعية للسكان الأصليين (الهنود الحمر) أثناء مرحلة التأسيس لدولته الاحتلالية الاستيطانية العنصرية البيضاء، وقتلوا وأبادوا منهم عدداً مهولاً ومخيفاً في جريمة يندى لها جبين الإنسانية. لن أذكر الرقم حتى لا تشعروا بالصدمة الكبيرة، فهو حقاً رقم مخيف يشعركم ربما بمدى وحشية الغربيين الاستعماريين (صليبيين وصهاينة) من ساسة وعسكر وتجار فجار، من المتشدقين بالحضارة الإنسانية ودين الرب والمثل والمدنية، وهم بعيدون جداً عن هذه المثل.
كان المستوطنون الغزاة يقتلون صاحب الأرض بدم بارد، ظانين في أنفسهم أنهم الأطهار وأنهم أبناء الرب وأبناء ملكوته، وأن الضحايا هم أرواح نجسة بيد الشيطان. هذه هي التخاريف الموروثة من كتبهم المقدسة المحرفة، فكيف نستغرب هذا السلوك المستهجن ونحن نعرف جذوره الثقافية التربوية؟!

"إسرائيل" (ميني أمريكا)
هذه هي التجربة التاريخية السوداء التي كرروها مرة أخرى بتقديمهم الدعم لإنشاء دويلة الكيان الصهيوني، وبالطريقة نفسها تماماً؛ دخلاء، غرباء، مهاجرين، لقطاء، لفيف الجهل والتعصب، شذاذ آفاق، وقطعان مستوطنين، ومجازر إبادة جماعية، وتهجير قسري، وإرهاب مؤسسي منظم، وممارسات عنصرية بشعة، وقضم تدريجي للأرض، وخرافات دينية لتبرير الغزو والاحتلال، وطهرانية زائفة مصطنعة، وثقافة وقيم خاطئة وفاسدة.
ولا شك أنكم لاحظتم أن العقلية الاستعمارية الاستعلائية العنصرية نفسها استمرت تمارس في تعاملهم مع كل الأعراق والشعوب الأخرى من لاتين وهنود وصينيين وأفارقة وعرب وفرس وكرد وسلاف وترك، طيلة تاريخ القرنين الماضي تقريباً مع جزء من القرن الذي سبقه، تحديداً في أمريكا الوسطى.


صمتوا دهراً ونطقوا كفراً
الأمريكان في البداية صمتوا كثيراً عن المشاركة في القضايا الدولية. صمتوا طوال القرن التاسع عشر تقريباً، وكانوا منعزلين فيما وراء بحرهم المشهور لدى العرب باسم "بحر الظلمات"، أي المحيط الأطلسي، وهي الجزيرة التي هاجر إليها أصحاب النفوس المظلمة حاملين معهم ثقافة وفكر الظلام، وحولوها إلى جزيرة للشيطان، ربوا أجيالاً وأجيالاً على تشرب أحقاد الظلمة وكراهية الإنسانية، فيما يخدعونهم على أنها الأنوار والنورانيات!!
صمتوا زمناً طويلاً ثم نطقوا كفراً!! كانوا يسخرون من وحشية الاستعمار الأوروبي القديم للقارة العجوز، ثم نطقوا كفراً!! وجاؤوا إلى العالم القديم في القرن العشرين كرسل للخراب والدمار، مصطحبين معهم كافة أنواع الشرور والقذارات والسياسات الإجرامية الاستعمارية غير المسبوقة، وفعلوا بالشعوب المستضعفة في مشارق الأرض ومغاربها كل الأفاعيل، وتفننوا في أساليب استعمارهم وأبدعوا في الشيطنة، ولم يوفروا شعباً واحداً من هذه الشعوب الكبيرة والصغيرة إلا ونفذوا فيه مخططاتهم الاستعمارية الصهيونية، طمعاً في الهيمنة والتسلط والاستغلال ونهب الثروات.

حضارة القشور
إن كل مزاعم الحضارة الإنسانية الراقية لدى هؤلاء هي مجرد قشرة خارجية وغلاف خارجي زائف يخفي داخله الجوهر البربري الجرماني المتوحش. ولا يخفى علينا أن هؤلاء هم أحفاد البرابرة الجرمان والساكسون.
لم يرتق هؤلاء يا أصدقائي إلا قليلاً، وما لمسنا منهم إلا قشوراً، ومازالوا حثالة البشرية بتصرفاتهم الهمجية، تحكمهم عصابة هي الأبشع ظلماً وجهلاً في تاريخ البشرية، وهل هناك ما هو أبشع من المتحضر الدعي الكذوب وهو يمارس جرائم يخجل حتى البربري الهمجي من ممارستها؟!
هذا الدعي الكذوب يمارس كافة أنواع الإسقاطات وميكانيزمات الدفاع والخداع النفسي، يتهم خصومه ويرميهم بما فيه من صفات وسلوكيات وممارسات إجرامية بشعة. أليس من علامات الشيطان أنه يكذب ويصدق أكاذيبه؟!
وهؤلاء كذبوا بشأن كل القضايا الدولية الحقوقية الإنسانية والبيئية والاجتماعية، وصدقوا أنفسهم، وصدقوا أكاذيبهم السخيفة!!

افتحوا الدفاتر واقرؤوا سطوراً من التاريخ الأسود القذر
الشيطان الأمريكي الصهيوني سكت على جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين في الأربعينيات، ومازال إلى الآن يدعم ويؤيد ويغض الطرف عن استمرار الجرائم بحق هذا الشعب المظلوم.
الشيطان الأمريكي النازي استخدم سلاح الدمار الشامل (القنبلة الذرية) على مدينتين يابانيتين عند نهاية الحرب العالمية الثانية، وقتل في دقائق معدودة مئات الآلاف من البشر.
الشيطان الأمريكي اللص العالمي المحترف لا يزال مستمراً في نهب أموال العالم من خلال خدعة العملة الورقية فاقدة القيمة، غير المغطاة بالذهب، المسماة بالدولار، عبر نظام البترودولار.
الشيطان الأمريكي الاستعماري تسبب في وفاة مليون طفل عراقي.
الشيطان الأمريكي الاستعماري قام بتدمير عدة دول عربية في غضون عقدين من الزمن.
الشيطان الأمريكي الاستعماري تسبب في اليمن بأكبر مأساة إنسانية في العصر الحديث.

أفكار ومعتقدات مريضة
الشيطان الأمريكي الاستعماري مهووس بفكرة الهيمنة على العالم، وإقامة حكومة العالم تحقيقاً لمشيئة الرب!!
الأمريكان لديهم اعتقاد ديني غبي وسخيف بأنهم أبناء ملكوت الرب وشعبه المختار بما هم عليه من خلطة دينية عجيبة (مسيحية صهيونية)، وهكذا هو مذهبهم المسيحي البروتستانتي الإنجليكاني الذي يمجد العهد القديم (التوراة)!!
هؤلاء يعتقدون أن الشعوب الأخرى شعوب نجسة، ضالة، تعيش في ضلال يصنعه الشيطان، وهي شعوب في نظرهم استحقت غضب ولعنة الرب!!
من الصعب أن تتعامل مع هؤلاء العنصريين المتغطرسين المهووسين بالأفكار الشيطانية الضالة. وهل هناك أكثر انحرافاً وشيطانية من اعتقادك بأنك فوق كل شعوب البشرية، وأنك من يجب أن يحكم البشرية ويتحكم بمصيرها ومقدراتها ويستعبدها؟!
وسيرة أمريكا في القرون الثلاثة (من السادس عشر إلى التاسع عشر) تشبه تماماً سيرة وأفعال تنظيم "داعش" الإرهابي.
ولست أبالغ إذا قلت إن أمريكا هي "داعش المسيحية" في ظروف تنشئتها الأولى، مثلما أن دويلة الكيان الصهيوني في سنوات التنشئة الأولى هي "داعش اليهود".

أحفاد الدخلاء وشذاذ الآفاق
لم يفكروا ولو برهة من الوقت ولم يسألوا أنفسهم من هم؟! ومن يكونون حتى يسوغوا لأنفسهم أن يكونوا حكاماً للأرض؟!
شعب اللقطاء المغامرين من شذاذ الآفاق ليسوا إلا أحفاد لفيف من المهاجرين الأوروبيين الفارين بتعصبهم وكراهيتهم، المتعطشين للذهب والثروة، المؤمنين بالخرافات الكاذبة البشعة والبعيدة كل البعد عن الدين والإنسانية، الفاقدين للعمق التاريخي الحضاري، بلا أي آثار تدل على حضارتهم، لأنهم بلا حضارة ولا تاريخ.
وهم ليسوا أصلاء، بل دخلاء، غرباء، غزاة، مغتصبون للأرض، يسكنون وطناً اغتصب من سكانه الأصليين، وراحوا ينفذون سلسلة طويلة من مجازر الإبادة الجماعية بحق هؤلاء السكان، وبنوا حضارة مادية استهلاكية فاسدة معادية للإنسان، قيمها الأساس: الاستغلال والطمع والفردية والاستهلاك المفرط والعبث بالبيئة والكذب والغدر والتعالي على الآخرين والعنصرية البلهاء والتنمر والقتل بدم بارد والغزو والتطهير والإبادة.
تاريخهم حافل بالصفحات السوداء، فمن الذي سيحبهم ويؤيدهم على هذا السجل التاريخي الإجرامي الأسود؟! ومن الذي لن يرغب في أن تطوى صفحة حضارتهم الزائفة من التاريخ إلى الأبد؟! ومن الذي لا يرغب أن تتحرر البشرية من ظلمهم وجبروتهم وطغيانهم؟!
في كل محطة من محطات التاريخ النضالي المقاوم نتذكر بفخر واعتزاز نضال الثوار الأحرار المقاومين في كل مكان ضد الإمبريالية الأمريكية. المجد للمناضل أرنستو جيفارا، ملهم المقاومة في كل مكان.
إن مساعي جبهة شعوب المشرق العظيم بقيادة الاتحاد الأوراسي والصين ستنجح لا محالة في غضون عقدين من الزمن في طي الصفحة الأمريكية السوداء من التاريخ البشري وإلى الأبد.
وها قد بدأت مسيرة الكفاح العظيم من أجل تحطيم وردع إمبراطورية الشيطان.

أترك تعليقاً

التعليقات