كيف تصنع ضحية؟!
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
كنا واقفين أنا وصديقي الإعلامي محمد مهدي السماوي في شارع المطاعم، مر رجل خمسيني من جوارنا، فسمعت صديقي محمد وهو يقول له بصوت عال: أهلا أهلا بالرجل ابن الرجل.
كان الرجل الخمسيني يمشي بخطوات سريعة باتجاه الجامع، وعندما سمع محمد وهو يقول له أهلا بالرجل ابن الرجل التفت نحونا وهو مبتسم، وقال لنا إن معه محاضرة بعد صلاة العصر في الجامع. قلنا له: تمام بنلحق. صديقي محمد استطرد مباشرة يحدثنا عن قصة هذا الرجل، وليش قال له هكذا. «أهلا أهلا بالرجل ابن الرجل».
قال لي إن هذا الرجل كان يملك محطة بنزين، وكان يطلب الله فيها بشكل طبيعي. وبسبب بعض التافهين وقليلي الأدب الذين ما يعرفوا يناجموا ويمزحوا مع الآخرين، أصبح هذا الرجل الخمسيني ضحية اتهاماتهم ومزاحهم وألفاظهم السيئة.. فقد أطلقوا على هذا الشخص اتهامات باطلة وشككوا في رجولته.
طبعاً هذا الرجل الخمسيني المسكين صدقهم وأصيب بحالة نفسية وترك المحطة وشغله ودخل صنعاء عشان يثبت للناس أنه رجل ومشحوط.
في بداية الأمر ذهب إلى المحكمة ثم إلى أحد المستشفيات وأخرج له تقريراً طبياً يثبت رجولته وأنه رجل طبيعي ولا يعاني أي مشكلة كما يتهمه بعض التافهين.
الآن أصبح يلف في الجوامع ويلقي محاضرات بالناس بعد كل صلاة، يعظهم في الأخلاق والقيم، وينصحهم بألا يغتابوا أحداً، ولا ينتهكوا أعراض الناس، ولا يطلقوا على الآخرين الألفاظ والاتهامات الباطلة والقذرة التي ينبذها مجتمعنا وديننا الحنيف.
محمد صديقي أخبرني أيضاً أن هذا الرجل الطيب والمسكين بعد كل محاضرة يلقيها يختم بقوله: «أخوكم الرجل ابن الرجل فلان ابن فلان». كما أنه قام بطباعة كروت كتب عليها أنه رجل ابن رجل ويوزعها على الناس.
أنا زعلت عليه كثير، وكيف أصبح ضحية بسبب الاتهامات الباطلة والألفاظ الحقيرة، ضحية بسبب المزاح والمناجمة الثقيلة والجارحة، ضحية بسبب الاستهتار واحتقار الآخرين.
لقد صدّق هذا المسكين ما أُطلق عليه وذهب جاهدا عشان يثبت رجولته، وأنه رجل طبيعي.
لماذا يطلق البعض على الآخرين ألفاظاً وألقاباً وتهماً باطلة، تشكك بنزاهتهم وشخصياتهم وأعراضهم ورجولتهم؟ لماذا نقول التفاهات في حق الآخرين بدلا من قول الكلام الطيب؟ ألا يفترض أن تسكت وتغلق على فمك، ففي السكوت خير.
هناك من يتقبل المزاح والكلام الثقيل، وهناك من ينزعج، وهناك من يصدق ويصاب بحالة نفسيه كهذا المسكين.

أترك تعليقاً

التعليقات