جرائم ومجرمون من خلف الستار
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -
لم تنم ليلتها من شده الخوف والقلق حين وجدت أحد الأرقام الغريبة يرسل إليها إحدى صورها الشخصية مع كلمات مبتذلة وتخلو من الأدب والأخلاق، لم تعرف من الذي أرسل وما الذي يريده؟!
فكرت مليا قبل التحدث بهذا الأمر، وكيف وصلت تلك الصورة لشخص غريب؟! استجمعت قواها ودخلت إلى غرفة أبيها لتخبره بما حدث، وأنها لا تعلم ما الذي يريده ذلك الوحش المجهول؟ بشفاه مرتجفة حكت لوالدها الحدث بكل تفاصيله وقلبها مملوء بالخوف من ردة فعله، وهل سيصدق روايتها أم أنه سيصدق ذلك الوحش بأنها هي من أرسلت تلك الصور، وأنها قد خانت ثقة أهلها.
آلاف الأفكار استحوذت على عقلها ومشاعرها، وأنهت حديثها بقولها: أنا ابنتك التي عرفت وسأبقى كذلك ما حييت.. لحسن حظها أن أباها رجل يثق بتربيته قبل كل شيء، وبعيدا عن كل الخرافات والخوف من الفضيحة والعار، وفضل أن ينتزع خوف ابنته ويفشل مخطط ذلك الوغد بأن يوقعها في شرك الخوف والانجرار وراء تهديداته الساذجة.
أنقذها والدها من شرك المبتز وأعاد لابنته البهجة بعد أن نزعها في لحظات معدودة مجرم ليس له ملامح، ولا يحمل في يده خنجرا أو مسدسا، ولكنه يحمل قلبا أسود يتغذى على ضعف الناس ويسرق فرحتهم.
خلف تلك الشاشات الصغيرة يختبئ العديد من المجرمين، ومع استمرار التقدم الإلكتروني انتشرت الجرائم المختلفة من بينها الابتزاز الإلكتروني وأخذ مبالغ مادية كبيرة من ضحية الابتزاز، بعد أن يتم جمع معلومات أو صور أو مواضيع خاصة بالشخص في تلك اللحظات عند اختراق الهاتف سواء عن طريق روابط أو صور من أرقام غريبة.
وحين يتم اختراق الجهاز تصبح أنت عرضة للمبتز، ولو كنت فريسة سهلة سينقض عليك بكل أنواع الابتزاز المادي والعاطفي، وفي ظل خوف المجتمع من العار يفضل الشخص الذي تعرض للابتزاز أن يقدم بعض التنازلات حتى يستطيع تقليل حجم الأضرار الواقعة عليه، ولكنه في نهاية المطاف يجد نفسه قد وقع في شراك عصابات ليس لمطالبها نهاية... وفي ظل غياب الوعي الكافي بكيفية التعامل مع هذه التهديدات سيبقى المبتز هو الطرف الأقوى، وحتما سيصل إلى أهدافه المرجوة.
لكن المختصين قد وضعوا بعض النصائح التي يجب اتباعها، لعل أهمها عدم الرد على المبتز، وأيضاً تغيير كل كلمات المرور لحساباتك على مواقع التواصل الإلكتروني، وإبلاغ أحد الأشخاص الموثوقين من حولك، وإذا زاد من ضغوطه يجب عليك إبلاغ الجهات الأمنية المختصة.
وعلى الجميع أن يعلموا أن المبتز لن يكتفي بطلب أو اثنين أو ثلاثة، فكلما تم تنفيذ أحد الطلبات تزايدت طلباته ورفع من سقف تهديداته الجوفاء التي لن يكون لها قيمة مادامت لم تقابل بالرد، ولعل أهم النصائح التي أقدمها أن يحرص الجميع على إبعاد أشيائه الأكثر خصوصية عن مواقع التواصل حتى لا يتم رصد الأشخاص وتتبعهم.
أعي جيداً أنه ليس من السهل تجاهل تلك الأصوات والمخاوف التي تملأ قلب ورأس الضحية، لكنني على ثقة تامة أنهم غير قادرين على الاستمرار إذا تكاتفت جهود المجتمع والجهات المعنية لننهي تلك الجرائم الصامتة ونقضي على كل أنواع الابتزاز.

أترك تعليقاً

التعليقات