كاتبة بلا قلم
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -

جفت الأقلام.. لكن لم ينتهِ حبرها.. جف قلمي منذ أشهر عديدة، فكلما هممت بالكتابة تلاشت من أمامي الكلمات وضاعت بداخلي المفردات..
أحسب نفسي كاتبة ولقلمي صوت كصوت الحقيقة ولا أدري إن كنت كما حسبت.. أعبر عما أراه بقلبي قبل كلماتي، لكنني أمام كل ما أراه اليوم من عبث بأرض الوطن وبممتلكات الشعب المغلوب على أمره، حين أرى كل هذا الظلم الواقع علينا يحميه صمت دولي لم أرَ له مثيلاً على مر التاريخ.. حتى حين كان من يمارس الظلم أكبر الجبابرة في الكون سمعنا حينها من جاء ليقول له حسبك، هذا لا يصح فعله عرفا وقانونا وإنسانيا، جاء من يخبر الظالم وبعلو صوته: توقف حيث أنت.
بينما اليوم يُمارس على الشعب اليمني المعروف بحبه للسلام، وحلمه وكرمه، يُمارس عليه كل أنواع العذاب؛ حصار وتجويع وعزلة عن العالم الخارجي كعزلة يونس في بطن الحوت.
سقم تغلغل في أرجاء المعمورة، بلادي الحبيبة التي كان يطلق عليها يوماً ما «أرض السعيدة» باتت حزينة.. وما كان يطلق عليه شعب الكرم صار يقف في طوابير الانتظار يرتجي فتات المنظمات ليسد جوع أهل داره.. شعب العزة والكرامة هرم شبابه قبل شيوخه من همّ أثقل على القلب والجسد، فصار الشاب يبكي على حلم لم تكتمل صورته بعد، فلايزال لديه الكثير ليبنيه بين طيات أحلامه، لكن حلمه اغتيل مع كل مَعلم وكل حجر هدمته يد حاقدة بحجة «شرعية» لا شرعية لها ولا عُرف يقبل بها.
صار الطفل فينا يحكي لجدته حكايات عن صديقه الذي مات تحت الركام، وحكايات عن لعبته التي اغتيلت مع دارهم القديمة.. ضاعت ابتسامة امرأة كانت تنتظر ولدها ليعود من المدرسة، وهي لا تعلم أنه لم يعد هنالك مدرسة هي أيضا كانت في مرمى القناص المحترف، معذرة المنحرف الذي انحرف عن إنسانيته حين غيب عقله وضميره ليسير خلف القطيع الضال عن السبيل.
نعم جف قلمي من شدة الخوف لما يجول في خاطري، الخوف من أن يسكب دمعا بدلا من الحبر، فما يحدث بحق بلادي يبكي الصخور، فكيف لا يبكي قلمي ليبقيني كاتبة، ولكن بلا قلم.

أترك تعليقاً

التعليقات