معركة البـُن
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -
 بعد أن كدنا نفقد الأمل وللحظة شعرنا بأن ما بناه الأجداد من تاريخ زراعي وعمر طويل في الثقافة الزراعية وعراقة التاريخ الزراعي اليمني أعاد المزارعون في حراز الشامخة الأمل لكل محبي الزراعة والمهتمين بالحفاظ على تاريخ يمتد لمئات السنين.
في بادرة ليست الأولى من نوعها، لكنها قد تكون الأكبر منذ سنوات، عمل أبناء حراز على اقتلاع شجرة القات واستبدالها بشجرة البن التي كادت أن تختفي ويشوه تاريخها... فقد ارتبط اسم اليمن بالبن منذ قرون، وبالأخص بمدينة المخا التي مثلت محطة البداية لانطلاق شهرة القهوة اليمنية إلى العالم وترتبط تسميتها عند العديد من الشعوب باسم «موكا» نسبة إلى مدينة وميناء المخا الذي مثل محطة أساسية لتصدير البن اليمني.
وعلى الرغم من تضارب الآراء حول مصدر البن ونشأته الأساسية إلا أن أغلب الدراسات رجحت نشأة البن في اليمن ومنها إلى إثيوبيا ومن ثم إلى العالم أجمع.
اقتلاع شجرة القات على مدار السنوات الأخيرة واستبدالها بشجرة البن تعد خطوة إيجابية في الحفاظ على نقاوة الأرض الزراعية واستصلاحها وحمايتها من الدمار فكما يخبرنا خبراء الزراعة بأن الأرض التي يزرع فيها القات تحتاج إلى استصلاح لفترات طويلة قبل أن تتمكن من زراعة منتج آخر، وخصوصا شجرة البن، لأنها تحتاج إلى استصلاح خاص، كما تحتاج أيضاً إلى ما يقارب ثلاث سنوات حتى تتمكن من الإثمار.
كل هذه الجهود والخسائر المادية أخذها أبناء حراز على عاتقهم وبادروا باقتلاع القات ليكونوا قدوة لبقية المزارعين في الجمهورية، على الرغم من كل الخسائر التي يواجهها المزارع في ظل غياب دور وزارة الزراعة، التي يجب أن تقف يدا بيد مع المزارع لإحياء شجرة البن، التي تعد فخر الأرض اليمنية، وكانت في حقبة زمنية موردا اقتصاديا مهما.
عند الحديث إلى أحد المزارعين الذي بادر واقتلع من مزرعته ما يقارب خمسين شجرة قات واستبدالها بالبن، يقول: أنا مؤمن بقضية البن وعلى استعداد للتضحية، فشجرة القات كانت تمثل موردا اقتصاديا مهما في حياتي، لذلك من المستحيل أن أقتلع كل الأشجار، وخصوصا أن البن يحتاج إلى سنوات طويلة حتى نستطيع جني الخير منها.
لذا من الواجب على الجهات المعنية عدم ترك المزارع اليمني بمفرده في معركة إحياء شجرة البن.

أترك تعليقاً

التعليقات