رحلت أميرة العقيق
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -

تلقيت خبر وفاتها في ليلة حالكة السواد، لن أنسى تلك الليلة التي رحلت فيها أميرة العقيق دون أن تحقق حلمها الأخير بأن تنقل كل معارفها وحرفتها الجميلة للناس، اختطفها الموت فجأة بعد طول عناء مع مرض سرطان الدم (اللوكيميا).
ولمن لا يعرف تلك الفتاة الرائعة، فقد كانت في كل لقاءاتها التلفزيونية والصحفية ترفض أن تحكي تفاصيل مرضها، لأنها تحمل شموخاً وقوة وأنفة كالصخور التي كانت تصيغها بأجمل الأشكال وأبهى الصور.
عانت صفاء من المرض لسنوات عديدة، وكانت ككل إنسان يفقد الأمل مع شدة الألم، ولكنها سرعان ما تستعيد قواها وتصحو من جديد بأمل وهمة كبيرة للعمل.. وفي لقائي الأخير معها لم يكن ألمها الأكبر صراعها مع المرض، بل إن حسرتها الحقيقية كانت أنها قد لا تملك القوة والوقت الكافي لتعلم الفتيات ما تعلمته في صياغة العقيق والفضة.. لم أتوقع حينها أن الإنسان يشعر فعلاً بدنو أجله وقرب رحيله.
رحلت أميرة العقيق بعد أن أدت رسالتها، فقد كانت تعمل على تدريب وتأهيل الفتيات، ولم تبخل يوماً على أي من زملائها بأية معلومة أو مساعدة، حتى إن مرضها لم يثنها يوما عن رعاية أسرتها، إذ يحكي والدها لنا أنها كانت أكثر أبنائه قرباً إلى إخوتها وأخواتها وأنها لم تقصر معهم في أي شيء حتى وهي في أشد حالات مرضها، وأنها كانت أماً حقيقية لأطفالها وأختا يشتد بها الظهر وبنتا بقلب أم، لم تتوان يوماً عن العطاء والسعي لتعيل ابنتها وابنها، ولم تقصر يوماً مع أحد من إخوتها.
يقول والد صفاء: لم تشعرنا يوماً بوجعها، بل على العكس كانت تراعي مشاعر الجميع وتكتم أوجاعها، ولولا دموعها التي تفضحها من شدة الألم لم نكن لنعلم ما تعانيه، كانت صفاء قرة عيني وضوء البيت، واليوم هي في ذمة الله، وعزائي أنها ماتت وهي راضية عن نفسها وقلوبنا مليئة بحبها، ولن ننساها ما دام في قلوبنا نبض.
رحمك الله وجعل مثواك جنة النعيم.

أترك تعليقاً

التعليقات