الدور على من؟
 

علي القرشي

علــي القرشــي / لا ميديا

الدور هنا ليس بحاجة إلى طوابير طويلة، فالرصاص تسعى إليك ولا تسعى إليها.
كلما طالعت أخبار مواقع التواصل الاجتماعي أجد صورة شاب أطلقت عليه المليشيات النار في تعز ولاذت بالفرار. أستمر في القراءة عسى أن أسمع عن تحرك أجهزة الأمن والنيابة العامة في سبيل القبض على الجناة، فلا أجد سوى مجموعة تعليقات كلها تدعو للقتيل بالرحمة ولأهله بالصبر والسلوان، وكأن الموت في تعز قد تحول إلى مناسبة اجتماعية لا تختلف عن حفلات الزفاف وأعياد الميلاد من حيث الاعتياد، وإن كانت تختلف في ردود الأفعال، فالأولى دعوات والثانية تبريكات.
هذا الوضع الكارثي لن يفرق بيني وبينك، فالمجرم سيقتـل من يجده في طريقه ولن يسأله عن معتقداته وانتماءاتـه وقبيلته، فهذه الأشياء ليست باعثاً على الجريمة حتى يبحث عنها الجاني.
فالدراجة النارية التي يقودها المسلحون تطلب منك الوقوف وإذا لم تقف يطلقون عليك الرصاص، وإذا أطلقوا عليك الرصاص لاذوا بالفرار وذهـبت أنت إلى المقابر حيث ستنام مع من سبقك من ضحايا نفس الجريمة ونفس الجناة.
عندما قلنا لهم إن المليشيات يجب أن تواجه بقوة السلاح للقضاء عليها، رد أمين محمود قائلاً: (هؤلاء سيتم احتواؤهم في خطة الترتيبات الأمنية، فهم أولاً وأخيراً أبناؤنا ويجب أن نتفاهم معهم بالحوار لا بالقوة).
والنتيجة أن المجرم أصبح ضابطاً في الشرطة، وأن دورية الأمن في السابق تحولت إلى سيارة مظلمة تقودها المليشيات.
وأمين محمود لم يحتوِ أحداً، والترتيبات الأمنية فشلت، وعاد رضوان العديني إلى سابق عهده في تنفيذ عقود المقاولات، بينما غادر أبو العباس سير المشهد كما تغادر كل الشياطين عندما تتأكد من انتصار الباطل وهزيمة الحق.
لقد فعلوها واعطوا شرعية لكل جرائم المليشيات، فلم يعد من يقتلك مجرماً هارباً من السجن وصاحب سوابق، بل صار مأمور ضبط قضائي يمارس وظيفة مكلفاً بها من الدولة. وحتى إن تم التحقيق معه من قبل النيابة فإنها لن تستطيع أن تنسب إليه أكثر من جنحة استخدام القوة المفرطـة أو سوء استعمال السلطة.
هل تدركون معي حجم الكارثة؟
خالد فاضل وعدنان الحمادي أعطيا شرعية للسرقة والنهب، وأمين محمود جاء ليعطي شرعية للقتـل.
وأنا أعتبر ما فعله أمين محمود أخطر بكثير مما فعله أسلافه، فالمال يعوض ولكن نحن بحاجة إلى ربع قرن حتى نعوض شباباً نفقدهم كل يوم في مدينة تعز بذريعـة الترتيبات الأمنية وبناء الجيش والشرطة.
قد لا يعلم أمين محمود وخالد فاضل وعدنان الحمادي وجميل عقلان وجمال الشميري أنهم شركاء في كل جرائم القتل اليومية، وأن عقوبة الفاعل الأصلي هي ذاتها عقوبـة الشريك.
وفي المقابل لا يجب أن نعول على أحد منهم، فهؤلاء كل أفكارهم وخططهم قائمة على الهروب عندما ينتقل الغضب من صفحات التواصل الاجتماعي إلى الشارع.
أنت من يجب أن تفكر في طريقة لحماية نفسك حتى لا تُسرق أحلامك وطموحاتك وتتحول إلى مجرد خبر نعي في صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي.
فكروا في الأمر جدياً، فلا يجب أن ننسب كل شيء للأقدار ونرضى بهذا الخذلان والعار.
من يتصيدوننا في الشوارع زمرة فاسدة لا تتعدى العشرات من الذين عرفتهم زنازين الأمن السياسي والبحث الجنائي قبل أن تعرفهم عائلاتهم وبيوتـهم.
فلا تنتظر أن تكون الضحية، بل كن الجلاد الذي يهزم الباطل وينتصر للحق.
فأن نكون شعباً من الجلادين أفضل من أن نكون شعباً من الضحايا.
أنا بلغت والسيارة المظلمة مازالت تتجول في الشوارع التي أسير فيها أنا وأنت، أطفالي وأطفالك، فلا تجبـن، وانزع عنك العمامـة واضرب رؤوسهم، فالحجاج لم يكن شخصاً، وإنما كان ظاهرة، وآن الأوان لها اليوم أن تعود، ومازال عزف الرصاص مستمراً. 

أترك تعليقاً

التعليقات