خدعوهم فقالوا...
 

علي القرشي

علي القرشي / لا ميديا -

في 2 ديسمبر قالوا لهم إن ما يفصلهم عن الحرية سقوط الحوثي وانهيار أسوار باب اليمن. وبعد أن تحقق ذلك عرفوا أنهم كانوا ضحايا لمؤامرة دولية هدفها أن يسقط النظام وتحكم المليشيات الإجرامية.
قالوا لهم إن البدايات دائماً صعبة وعليهم أن يقتحموا المؤسسات ويحملوا السلاح وأن ينتهكوا حرمات البيوت وأن يسرقوا الأموال باسم الانتفاضة. وبعد ذلك عرفوا أنهم ضحايا للبدايات الأليمة التي لا تعرف النهايات السعيدة.
قالوا لهم إن الحوثية تقتل الإبداع وتكمم الأفواه وتنشر الفساد في كل مكان. وبعد ذلك عرفوا أن الحوثية في نظر الخونة هي التمسك بالوطنية، وفي نظر اللصوص هي التمسك بالقوانين، فاقتنعوا بأنهم ضحايا لخداع زمرة فاسدة غيبت الوعي ونشرت الجهل طوال 33 سنة.
قالوا لهم إن التحالف لم يأت بإرادته بل الله هو من أرسله. وبعد أن قتل التحالف الأبرياء ودمر البلاد ونشر الإرهاب عرفوا أنهم كانوا ضحايا فتاوى الشيطان الذي قدم نفسه إليهم كفقيه الأديان وحامي الأوطان.
قالوا لهم إنها تشبه عملية الفرقة الأولى مدرع، وأن المقاتلين مع الصباح سيعودون بالورود ليقدموها كعربون نصر وحب لزوجاتهم. وبعد ذلك عرفوا أن الصباح لن يشرق، والنصر لن يأتي، ومن كانت تنتظر زوجها ظلت تحسب عدتها بالأيام والشهور، فقالوا إنهم ضحايا لثقتهم في فأر الشعير وما جاء في خطاب التحرير.
قالوا لهم إن قوة الانطلاقة تدل على سرعة النهاية. وعندما نظروا إلى أنفسهم وجدوا أنفسهم معلقين بين الشك واليقين، فقالوا: نحن ضحايا منتصف الطريق.
قالوا لهم بقدر تضحياتكم ستكون عظمة حرياتكم. وبعد أن خسروا كل شيء وأصبحوا خائفين في بيوتهم قالوا: إننا ضحايا ككل الضحايا في القرية الظالم أهلها.
قالوا لهم إنهم أغنياء وأن أفقرهم أغنى من أمير سعودي. وبعد ذلك أصبح غنيهم يشحت وفقيرهم يأكل التراب، فقالوا: نحن ضحايا للطمع والجشع، ومن هو في الأساس أحمد عفاش لكي يكون مقياساً للفقر والغنى في دولتنا الفتية؟!
قالوا لهم إن الحوثي يقتل الأبرياء ويغتصب النساء وييتم الأطفال. وبعد ذلك عرفوا أن كل هذه القصص وهمية، فقالوا: نحن ضحايا غيبوبة الشيطان التي لم ينجُ منها إلا من كان قلبه عامراً بالإيمان.
قالوا لهم إن كل مطالبكم المشروعة لن تتحقق قبل أن يسقط نظام ثورة 21 أيلول. وبعد سقوط النظام في جنوب الوطن قالوا: قبل إلغاء الفوائد الربوية. وبعد إلغائها، قالوا: بعد قفل المواقع الإباحية. وبعد أن أُنهِكت المطالب في دوامة القيود عرفوا أن الوزراء يصورونهم عراة وأن السفراء يمارسون دبلوماسية المراهقة المتأخرة، فقالوا: نحن ضحايا الأعور الدجال والفتاوى التي تجهز في مطبخ الشيطان.
قالوا لهم احرقوا ملازم الحوثي وصور قائد الثورة حتى لا نعود للوراء. وبعد ذلك عرفوا أنهم يحرقون كلام الله وأن حرق الوطن كان نهاية عهدهم بالراحة والاطمئنان، فقالوا: نحن ضحايا التسرع والتهور ككل الذين تعرفهم بداية الطريق مسرعين ولا تعرفهم نهاية الطريق في عداد الواصلين.
قالوا لهم إن السحر الأسود في باب اليمن وأن الكثير من المفقودين سيعودون بمجرد سقوط باب اليمن ورحيل الحوثي. وبعد ذلك اكتشفوا أن الأيام السوداء كانت تخشى هيبة الحوثي، وأن كلاب الدم وذئاب الليل كانت تنتظر أن تنكسر عصا الراعي في باب اليمن، فقالوا: الله ينصره، لم نعرف قيمته إلا بعد أن عصيناه ونحن ضحايا لزمن لا ينفع فيه الندم.

أترك تعليقاً

التعليقات