إيهاب شوقي

إيهاب شوقي / لا ميديا -
في أحدث التطورات السياسية بالكيان الصهيوني، يستعد حزب الليكود للاقتراب من الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا. ويقود هذه العملية عضو الكنيست عن الحزب الليكود "أميت هاليفي"، وهو تطور يعزز ما قام به نتنياهو في العقد الأخير، وهو تطور له دلالات كبرى على يأس العدو الصهيوني وفشله الذريع في فرض أكذوبتين تاريخيتين حاول أن يعتاش عليهما، وهما:
1 - أكذوبة الديمقراطية، باعتبار "إسرائيل" هي واحة الديمقراطية الوحيدة بالمنطقة، وها هي تتوجه للتحالف مع الأحزاب الفاشية، ناهيك عن سياستها الداخلية تجاه الفلسطينيين، وسياسات حكومة اليمين المتطرف المستجدة في الداخل الصهيوني والتي وجهت ضربات قاصمة لهذه الأكذوبة.
2 - أكذوبة "الهولوكست" (المحرقة)، والتي تعتاش عليها "إسرائيل" لتصدير مظلومية تاريخية تبتز بها أوروبا، وها هي تتحالف مع أحزاب أنكرت المحرقة المزعومة ولطالما كانت على رأس الأحزاب التي وجهت لها التهم المزعومة بمعاداة السامية.
وتصف صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية لقاءات نائب الليكود الأخيرة بممثلي وفد اليمين المتطرف السويدي بأنه تحدٍّ لسياسة دائرة العلاقات الخارجية في الكنيست، والتي أوصت بألا يلتقي أعضاء الكنيست بأعضاء وفد من الديمقراطيين السويديين الذين وصلوا إلى الكيان في الشهر الماضي.
وهذا يثبت أن دائرة العلاقات الخارجية تفطن إلى أن هذه اللقاءات وهذا التقارب هو بداية النهاية للأكاذيب التاريخية الصهيونية، وبأنه بمثابة كشف الوجه الحقيقي للكيان الفاشي.
وقالت الصحيفة العبرية إن من المتوقع أن يقدم هاليفي، خلال الأسبوع الجاري، وثيقة اليمين السويدي الجديدة إلى وزير الخارجية، إيلي كوهين، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من أجل خلق تحرك تاريخي سيؤدي إلى إنهاء مقاطعة الحزب السويدي لــ"إسرائيل".
وكشفت الصحيفة أن الكيان الصهيوني حصل بموجب الوثيقة على دعم كبير لم يتلقه في الماضي من أي دولة أوروبية. وقالت إن في الوثيقة نصاً "يدعم الحزب السويدي به الحياة اليهودية ويحارب أي مظهر من مظاهر معاداة السامية في السويد وأوروبا وأماكن أخرى. ويدعم الحزب كذلك المعركة ضد الإرهاب ومظاهر السلوك المعادي لإسرائيل من قبل إيران والسلطة الفلسطينية وحزب الله وغيرها".
كما نصت الوثيقة على أن الحزب يطالب السويد بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل سفرائها إلى القدس. كما دعت إلى إضافة حزب الله بكامله إلى قائمة المنظمات الإرهابية، التابعة للاتحاد الأوروبي.
وعلقت الصحيفة العبرية على ذلك بالقول إن الأهمية الاستراتيجية للوثيقة تكمن في حقيقة أنها استمرار للزخم لتغيير موقف السويد العدائي الطويل الأمد تجاه "إسرائيل" والموقف المؤيد للفلسطينيين الذي يتخذه قادتها.
وهذه الخطوات ليست حديثة بقدر ما تأتي تتويجاً لسياسات قام بها نتنياهو وليبرمان، حيث تفيد التقارير بأنه، ومنذ كانون الأول/ ديسمبر عام 2010، أقام حوالى ثلاثين من قادة اليمين المتطرف في "إسرائيل" ومن بينهم الهولندي غيرت فليدرز، والبلجيكي فيليب ودينتر، وخليفة يورج هايدر النمساوي هاينز كريستيان ستراتس، وقد تم استقبالهم بحفاوة من أعلى المستويات.
وإن أفيغدور ليبرمان، الذي كان يشغل حينها منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، والذي يحلم بدولة يهودية خالصة يُطرد منها المسلمون، تبادل الحديث بحرارة مع فليدرز الذي يحلم من ناحيته بمنع القرآن في هولندا. وقام الأخير بزيارة "مستوطنة" في الضفة الغربية، وهناك، وفق ما نقلت الوكالة الفرنسية، "ترافع ضد مبدأ الأرض مقابل السلام مع الفلسطينيين، مقترحاً إسكان الفلسطينيين بإرادتهم في الأردن"، وبالنسبة له فإن هذه "المستوطنات" تمثل "معاقل حرية صغيرة، في وجه القوى الأيديولوجية التي لا تنفي عن إسرائيل فحسب، بل وعن الغرب بأسره، الحق في العيش بسلام وبكرامة وبحرية"!
أما نتنياهو، فقد وصفه الكاتب الفرنسي دومينيك فيدال بأنه يختار أصدقاءه المقربين من بين أسوأ الشعبويين الأوروبيين، مثل فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجرى، الذي صفى الحريات في المجر، والمعادي للإسلام (وللسامية)، والذي دافع قبل بضعة أيام من لقائه مع نتنياهو في تموز/ يوليو 2017، عن وصي عرش المملكة المجرية (1920-1944) ميكلوش عورتي، الذي كان بمثابة المارشال فيليب بيتان الفرنسي، والذي ساعد خلفاؤه أدولف أيخمان في ترحيل وقتل آلاف اليهود المجريين. كما يغازل نتنياهو ياروسلاف كاتشينسكي، مع أنه حفز على سن قانون يمنع ذكر تواطؤ البولونيين مع النازيين في قتل اليهود بالحرب العالمية الثانية.
كما قام الليكود بإرسال أحد نوابه، هو يهودا غليك، للقاء حزب التحالف من أجل النمسا، الذي أسسه يورج هايدر بعد عودته إلى الحكومة النمساوية. ومن المرجح أن يتواصل يهودا والرابطة التي فازت مع حركة 5 نجوم في الانتخابات الإيطالية.
ولعل الهدف الرئيسي للكيان هو تعظيم قضية "معاداة السامية" وجعلها سيفاً للابتزاز ولعدم انتقاد الكيان، بهدف تجريم حركة المقاطعات وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات  (BDS)، التي اعتبرها نتنياهو "تهديدا استراتيجيا عظيما".
ولذلك ترمي "إسرائيل" شباكها باتجاه الغرب. فكلما أحرز الفاشيون الجدد تقدماً ازداد اهتمام "إسرائيل" بهم، فلقد تواصلت مع رئيس الرابطة الإيطالية، الذي زار الكيان عام 2016، وكذلك مع زعيم اليمين المتطرف السويسري أوسكار فرايسينجر، الذي خرج بمبادرة التصويت على منع تشييد المآذن، والذي قال نصاً: "لو اختفت إسرائيل من الوجود لفقدنا طليعتنا... فطالما ظل المسلمون منشغلين بإسرائيل، لن تكون المعركة شرسة بالنسبة لنا. ولكن لو اختفت إسرائيل فسوف يزحفون على الغرب للاستيلاء عليه".
وكذلك تواصل الكيان مع حركة آلترنتيف فور دوتشلاند (البديل من أجل ألمانيا)، التي تصرح رئيستها، بياتريس فان ستورش، بمساندتها لـ"إسرائيل" في المعركة المشتركة ضد "الإسلامويين".
اللافت أن هناك اتهامات لنتنياهو بأنه متهاون في الموروث الصهيوني الخاص بترويج المحرقة، بسبب موروثه الشخصي والسياسي.
على المستوى الشخصي لأن والده، بنزيون نتنياهو، لطالما ناضل إلى جانب الزعيم الناكر للمحرقة زييف جابوتينسكي، بل وكان مساعده لفترة معينة.
وعلى المستوى السياسي لأن القدامى في حركات "الليكود" و"إيرغون" و"بيتار" و"ليهي" كلهم كانت لهم اتصالات مشبوهة مع الفاشية والنازية.
هنا نحن بصدد تطور جديد لحكومة (المجانين) الصهيونية، والتي توقَّع السيد نصر الله أنها ستعجل بزوال الكيان، وها هي تثبت يوماً بعد يوم أنها تنزع عنه كل أوراق التوت التي حاول أن يتستر بها، وكل الأقنعة التي حاول ارتداءها لإخفاء الوجه الفاشي، حيث يتجه الكيان ليصبح منبوذاً، ومع الأقليات الفاشية والنازية التي عفا عليها الزمن، بعد فشله في الترويج للمظلومية وبأنه واحة للديمقراطية.

أترك تعليقاً

التعليقات