خيارات دمشق لردع العدوان
 

محمد الجوهري

محمد الجوهري / لا ميديا -
إن عظمة سورية ودورها المهم في الصراع مع الصهاينة، تظهر في فارق التسليح بين فصائل المقاومة في لبنان وتلك التي بحوزة نظيراتها في غزة؛ فالأخيرة محاصرة من الأنظمة العربية كافة، خاصة مصر، ولذلك من الصعب على محور المقاومة إمداد مجاهدي القطاع بنفس الكم والكيف لإخوانهم في حزب الله.
هذا السبب جعل من دمشق هدفاً واضحاً للمؤامرات الصهيونية منذ عقود، وسعت بكل طاقتها لاستهداف وحدتها وأمنها الداخليين، كما حدث في حماة 1982، وحادثة اغتيال الحريري 2005، وكلها موجهة لضرب سورية، أو على الأقل تحييد دورها الريادي في دعم المقاومة العربية في فلسطين ولبنان.
وعلى ذلك السياق كانت مؤامرة 2011 على دمشق، والتي تسببت بكارثة غير مسبوقة في البلاد، وعلى يد عناصر مأجورة ممولة خليجياً وتركياً، وإن كانت كلمة الفصل هناك بيد العدو الصهيوني نفسه، حيث لا تزال كل الفصائل المناهضة للدولة السورية تتحرك وفق المصالح «الإسرائيلية»، وحسب المخططات المرسومة لها، والهدف إغراق سورية مجدداً في بحر من الدماء، انتقاماً للهزيمة «الإسرائيلية» الأخيرة في لبنان.
ولا طاقة لسورية بمقارعة كل تلك الفصائل الإرهابية في آن واحد، فـ»إسرائيل» لا تخسر شيئاً هنا، بخلاف معاركها في لبنان وغزة، وتتكفل قطر وتركيا بإدارة الصراع نيابة عنها، وتمدان التكفيريين بحاجتهم من المال والسلاح. كما لا يكترث النظامان في أنقرة والدوحة بهلاك أولئك المسلحين أو هزيمتهم؛ لأن الهدف استنزاف سورية وإبادة شعبها، أو إجبار حكومتها على الخنوع والعمالة، على غرار معسكر التطبيع المناوئ لمحور المقاومة.
وليس أمام سورية سوى إعادة توجيه البوصلة باتجاه العدو الرئيسي نفسه، وفتح جبهة استنزاف مباشرة مع الكيان الصهيوني، وإمطار مغتصباته بآلاف الصواريخ، تماماً كما فعل حزب الله، وعندها فقط ستنصاع «تل أبيب» لوقف التصعيد الميداني في حلب وإدلب، وتخضع أدواتها في قطر وتركيا للتهدئة رغماً عنها، خوفاً على أمن الكيان.
وهذا هو الأسلوب الأصوب في ردع اليهود، ولا سبيل غيره لوقف العدوان التكفيري على دمشق، وبإمكانها فتح عشرات الجبهات المباشرة لاستنزاف جيش العدو، ففي ذلك الوجع الفعلي للكيان، ومن أجله سيقدم الكثير من التنازلات، وسيجبر الأنظمة العميلة على تغيير سياساتها العدائية تجاه الشعب السوري، كما ستحمي (سورية) شعبها من جرائم التكفيريين، وبشكلٍ نهائي.
ولسورية كل الحق في فعل ذلك، فهي تتعرض لعدوان دائم من قبل الكيان. كما أن جزءاً كبيراً من أراضيها لا يزال تحت الاحتلال «الإسرائيلي» المباشر، فيما الخسائر هي نفسها، وربما أقل بكثير من تلك التي تدفعها بمواجهة الجماعات التكفيرية الموالية لليهود.
وقد اتضحت الصورة للقريب والبعيد، أن كل التحركات المعارضة للدولة السورية لا تخدم طرفاً آخر غير الكيان الصهيوني، وأن العناصر التكفيرية تدين بولائها لـ»تل أبيب» أكثر من أي بلد إسلامي آخر، وتشهد بذلك احتفالات التكفيريين بكل انتصار تحققه «إسرائيل» في لبنان وسورية، وحتى غزة.
وهنا تظهر خطورة الاستثمار الصهيوني في العقائد النازية. وما نراه اليوم من عداء لسورية هو حصيلة لجهود استمرت لسنوات من الاستثمار في الأحقاد والضغائن، ونشر العقائد الضالة والمعادية لدمشق باسم الدين، وكان للأنظمة الخليجية الدور الأكبر في نشر الكراهية بين أبناء الشعب الواحد في سورية.

أترك تعليقاً

التعليقات