نشطاء الإصلاح.. من شيطنة ترامب إلى تمجيده
- محمد الجوهري الثلاثاء , 20 مـايـو , 2025 الساعة 1:12:03 AM
- 0 تعليقات
محمد الجوهري / لا ميديا -
خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، لم يزر ترامب دولة قطر، واقتصرت استفادته آنذاك على النظام السعودي، وهو ما أدى إلى تداعيات كبيرة، من أبرزها الأزمة الخليجية وحصار الدوحة سياسياً واقتصادياً. وقد ساهم ذلك في تأليب الإعلام القطري على السعودية، واحتل موضوع الـ550 مليار دولار النصيب الأكبر من الحملات الإعلامية التي شنها نشطاء التيارات المموّلة من الدوحة، وعلى رأسهم حزب الإصلاح، الذي يمتلك قاعدة واسعة من الموالين المستجيبين للريال القطري بأقل التكاليف.
أما اليوم، فقد ذهبت قطر إلى ما هو أبعد من السعودية؛ إذ قدّم تميم ووالدته ما يُقدّر بـ1.4 تريليون دولار، إلى جانب باقة من الهدايا الشخصية الباهظة، شملت طائرة «إيرباص»، وقصراً رخامياً منتظراً، وغيرها من مظاهر البذخ. هذا الموقف وضع الدوحة في حرجٍ بالغ أمام قاعدتها الشعبية التي شكّلتها عبر الإعلام على مدى عقود، فاضطرت لتوجيه ذبابها الإلكتروني نحو تمجيد ترامب باعتباره «قائداً عظيماً»، وترويج فكرة أن حكام الخليج، ومنهم تميم، يجلبون الرفاه لشعوبهم أكثر من غيرهم، لاسيما في اليمن.
وسرعان ما تغيّرت لهجة الخطاب، فراح بعض نشطاء الحزب يثنون على ابن سلمان وابن زايد، بعد سنوات من مهاجمتهما. هذا التحوّل، رغم ما فيه من تناقضات، كان الهدف منه رفع الحرج عن تميم، الذي ظهر على حقيقته، بخلاف الصورة المثالية التي رسمها الإعلام القطري، مدعياً أن حكام الدوحة يختلفون عن نظرائهم في السعودية والإمارات.
لذلك، ليس من الغريب أن تتبدل مواقف نشطاء حزب الإصلاح في اليمن؛ فهم يتقاضون المال مقابل كل منشور أو تصريح، ولا جديد في الأمر سوى أن الجهات المانحة أصدرت توجيهات جديدة تناقض ما سبق. وهكذا هو حال الباطل وأتباعه، تتغيّر مواقفهم باستمرار وفقاً للمعطيات.
ولا ننسى المثال الأبرز في هذا السياق: الناشطة توكل كرمان، التي غيّرت مواقفها من السعودية مراراً، فتارةً تصفها بـ«الشقيقة الكبرى»، وتارةً بـ«الكوبرى»، وفقاً لسياسات قطر تجاه الرياض. فقد كانت تصريحاتها قبل الأزمة الخليجية تختلف جذرياً عمّا بعدها، وهو ما يعكس بوضوح أن المال هو الفيصل في مواقف حزب الإصلاح، الذي ظلّ ديدنه الارتهان للتمويل، ما يبرر وصفهم بالمرتزقة.
أما عن مواقفهم تجاه أنصار الله، فإن تخفيف المنصات الإعلامية التابعة لقطر لهجتها ضدهم في فترات محددة، يعود إلى انشغال قطر نفسها بالتوتر مع الرياض، ولا طاقة لهم حينئذٍ بمواجهة خصمين في الوقت نفسه، ولذلك رأينا العديد من النشطاء الرخاص يخففون لهجتهم تجاه الأنصار؛ لكنها سرعان ما تتغير حسب توجيهات المال القطري، ومقتضيات المصالح الخليجية بشكلٍ عام.
وهنا نُذكّر بأن التبدّل السريع في مواقف نشطاء حزب الإصلاح والإعلام المحسوب على قطر ليس وليد الصدفة أو اجتهادات فردية، بل هو انعكاس مباشر لعلاقات تمويل وتوجيه سياسي تتحكم بها المصالح لا المبادئ. هذا النوع من الخطاب المتقلب لا يعبّر عن موقف وطني ثابت، بل عن ارتهان كامل لأجندات الخارج، حيث يتغيّر العدو والصديق تبعاً لحجم الحقيبة المالية وتوجهات الممول.
المصدر محمد الجوهري
زيارة جميع مقالات: محمد الجوهري