زياد السالمي

زياد السالمي

لكل زمن مستجداته التي تفرضها مصلحة وأطماع الدول. ومنذ البداية كان يهيمن على العالم الاختلالات والفوضى، وكان قانون الغاب هو السائد، القوي يبطش بالضعيف، فاضطر الفرد إلى التكتلات والتحصينات اللازمة لحماية وجوده.
وعلى هذا الأساس اقتضت الضرورة تشكيل كينونات صغيرة تحمي بعضها البعض من بطش الآخر، نشأت حينها الحروب والاعتداءات والصراعات، وتكون دائماً الغلبة للقوي. 
هنا وجدت القبائل في البداوة والانتماء العصبي وسيلة للدفاع عن نفسها والبطش بعدوها. كما نشأت الهجرات المتتالية بحثاً عن الأمان والمأكل والمشرب. لهذا الضلال والتيه أنزل الله سبحانه وتعالى رسالاته المتكررة لتنظيم المجتمعات وتكوينها، وختمت بالرسالة الجامعة العامة الشاملة دون استثناء، رسالة الإسلام التي أرسل الله حبيبه المصطفى محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، رحمة للعالمين وهداية لهم من الضلال إلى جادة الحق والرشد وصولاً إلى الصراط المستقيم؛ به استطاع محو العادات الجاهلية من حياتهم والتي منها عدم احترام الآخر، الذي عم المجتمعات جراء الجهل والضلال، فقام عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله بتأسيس الدولة في المدينة المنورة وحقق مقوماتها وتلاحمها وبنيتها ونظر وقنن التشريعات والتحالفات والمعاهدات بين كافة الكينونات امتداداً من الرسالات السماوية السابقة التي تماهت وذابت في رسالة الإسلام.
انتصر الإسلام للإنسان وحدد ملامح الفعل وحكمه، وشكل سياجاً مانعاً من ارتكاب الخطأ، كما مهد للحق والخير والصواب. وعندما ضعفت الدولة الإسلامية وتفشت في الدول الحروب وتعدد العدوان نتج عن ذلك أن قام الإنسان لحماية نفسه ووجوده وكيانه بصناعة الأسلحة، إلى أن وجد التكافؤ بين المتصارعين والدول المتصارعة، اضطرت هذه الدول بعد أن أدركت عدم قدرتها على الانتصار إلى إنشاء مجتمع جامع لتنظيم الدول محدداً التزامات الدول تجاه بعضها البعض، وتطورت المجتمعات في موضوع تقنين السلوك الدولي نتيجة الحروب المتكررة معطاها طمع الهيمنة، إلى العقد الدولي بين الدول ذات القوة والسيطرة والنفوذ، ووجدت الاتفاقيات الدولية والمواثيق الدولية وحددت الأفعال وجرمتها، وحددتها بمحاور ثلاثة: الأول: جرائم عدوان وحددت الاختصاص بمجلس الأمن، الثاني: جرائم حرب وحددت الاختصاص بالأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، الثالث: جرائم ضد الإنسان. أخيراً كانت ثورة الواحد والعشرين من أيلول مرحلة مفصلية في حياة اليمنيين، بها تكشفت أوجه العمالة وأذناب الخيانة الوطنية، بعد أن كانت متسترة بأنظمة وتنظيمات وشخصيات كم أسرفت بادعائها الولاء الوطني والمسؤولية الوطنية والعمل الوطني والسيادة الوطنية. 
فقد جاءت هذه الثورة بعد أن أصبحت الخيانة طافية على السطح، وأصبحنا نحكم من عشر دول تحت مسمى الحوار الوطني، بل إن ما يبعث التعجب والمقت في الوقت ذاته هو تسمية حوار وطني نتيجة مبادرة خليجية ورعاية دولية أممية، فكيف تستقيم كلمة وطني مع دولية خليجية وأممية؟! فعلاً إن في ذلك استخفافاً بالعقول. 
عموماً قامت ثورة الواحد والعشرين من أيلول وطردت العملاء والخونة والفاسدين من أرض الوطن، ونتج عنه أن كشرت السعودية أنيابها وقامت بعدوان همجي طال الحجر والشجر والبشر وكل ما هو موجود على أرض الوطن الحبيب. 
ولما تعانيه الجمهورية اليمنية كدولة ذات سيادة من عدوان غاشم من الكيان السعوصهيوني إماراتي أمريكي استهدف كافة ملامح الحياة، وها نحن الآن في التاريخ ندخل عامنا الرابع، لم يكن أمامنا إلا الصبر والصمود والثبات والتصدي. حدثت فيه الكثير من الأحداث الخطيرة والمرعبة على كافة الأوجه والمستويات، تقتضي الضرورة الوطنية الوقوف حولها حدثاً حدثاً وموقفاً موقفاً ليتضح للقارئ مدى الضرر الذي قام به العدوان، وكذلك مدى الصمت الأممي المقيت، وبالمقابل دور الأبطال والقوى الوطنية بمواجهة ذلك على كافة الأصعدة كدفاع شرعي مكفول في القانون الدولي. نتمنى أن تجد هذه الحقائق متسعاً من التأمل والاهتمام للإلمام بالشأن اليمني وما عانته اليمن من هذا العدوان، كما يجب علينا العمل بجد ودأب في كل ما هو متاح في مواجهة العدوان، ومن ذلك رصد الجرائم التي ارتكبها العدوان وتوثيقها؛ وكذلك إبراز موقف القانون والمواثيق الدولية وموقف القانون اليمني. سائلاً من الله تعالى السلام لأرواح الشهداء الذين ضحوا بها رخيصة وهم يذودون ويدافعون عن حياض اليمن وسيادته وكرامة أبنائه، والنصر والسؤدد والعزة والتمكين والسكينة لرجال الرجال وهم في جبهات الشرف ليكملوا المشوار، واللعنة على العدوان ومن تواطأ وخان وباع وطنه لدول العدوان. نسأل الله ذلك كما نسأله التوفيق والسداد.

أترك تعليقاً

التعليقات