الرئيس الحقيقي لأمريكا
 

أحمد الحسني

أحمد الحسني / لا ميديا

ليس هناك بين رؤساء الولايات المتحدة الـ45 أحد جسّد بوضوح وجرأة واقع الإمبراطورية الأمريكية وقيمها الحقيقية في إدارة الداخل والعلاقات مع الخارج كما جسدها الرئيس ترامب، بعيداً عن أقنعة الحرية والمساواة التي صممها بيان الاستقلال، والقيم الإنسانية النبيلة التي رسمتها ريشة جيفرسون قبل 200 عام، أو مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي رفعه روزفلت في أربعينيات القرن العشرين. 
أمريكا ترامب هي أمريكا جون آدمز وهاري ترومان وايزنهاور ونيكسون وريغان وبوش وأوباما، فلم يصنع ترامب وجهاً جديداً للولايات المتحدة، وإنما وضع الأقنعة جانباً. بدا فجاً وهو يحذر الأمريكيين من أن الإطاحة به ستعرضهم للجوع؛ لكنه بذلك كان يتحدث بوضوح عن إمبراطورية "من يملك يحكم"، كما كان يقول جون جاي أحد مؤسسيها وأول رئيس للمحكمة العليا فيها قبل أكثر من قرنين من الزمان. وكان وقحاً كثيراً وهو يتحدث بلغة الآمر الناهي مخاطباً الرؤساء والملوك؛ لكن ذلك في الواقع كان مبدأ إدارة جيرالد فورد 
الذي عبر عنه وزير خارجيته هنري كيسنجر في 14 أغسطس 1975 قائلاً إن "إنجازاتنا واستثماراتنا وشعبنا الصناعي وما نملك من ثروات قد زودنا بالإحساس بالمسؤولية اللازمة للقيام بدور القيادة".
لم تكن أمريكا يوماً كما قال لافييت الذي قطع المحيط الأطلسي ليقاتل في صفوف ثورتها: "شرطي السعادة البشرية وحامي القيم الإنسانية النبيلة"، وإنما كانت كما قال الأمريكي بول غودمان مخاطباً قادة بلاده وساستها في نوفمبر 1967: "أيها الرجال، أنتم الأشد خطراً وضرراً في عالم اليوم، فأنتم من يزرع البؤس والشقاء في الأرض". 
ترامب بلطجي ومستغل وسافل ووقح ومرابٍ حقير في بورصة القيم الرأسمالية بكل القيم الإنسانية ومتعصب بغيض للصهيونية. تلك هي الولايات المتحدة الأمريكية، منذ بيان الاستقلال وحتى اليوم. إنها المساواة المرهونة بصك الجدارة من رؤوس الأموال، والحرية المشروطة بحاجة حقول القطن للعبيد، حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وفق تقدير الشركات العابرة للقارات ومحددات وول ستريت... الخ، ولن يغير صعود الديمقراطيين أو تفوق الجمهوريين شيئاً من هذا الواقع. كل ما فعله ترامب هو إزالة الأقنعة لدرجة قطعت أعذار الجهل والاشتباه عن كل مدعٍ، وترك العالم كله وخاصة عالمنا العربي والإسلامي على بينة كالشمس ليختار أن يكون عبداً لهذا الشيطان أو عدواً له.

أترك تعليقاً

التعليقات