المحامي الرخيص
 

أحمد الحسني

احمد الحسني / لا ميديا -

على خطى نظيره الأمريكي، تطوع وزير خارجية المملكة المتحدة مأجوراً للدفاع عن عدوان التحالف على اليمن، ولكن بطريقة أكثر إسفافاً. وكما اختار بمحض إرادته قبل فترة وجيزة أن يبدو كمهرج ويطل علينا من ميناء عدن بهيئة المراسل التلفزيوني غريب الأطوار محمد العرب، تحول هذه المرة وزير خارجية مملكة البريستيج والاتيكيت، ودون أن يُكرهه أحد، إلى كاتب رديء، مدبجاً مرافعته عن العدوان بمقال في إحدى الصحف الأمريكية قائلاً: "لنكن واقعيين ومنصفين، قبل أن يعلن التحالف الحرب على اليمن كان هناك في اليمن حرب"؛ أي أنه، بحسب واقعية معالي الوزير المهرج وإنصاف محمد العرب، مادام في اليمن حرب فإن العدوان المسلح عليها من أي دولة أجنبية يصبح مشروعاً ومبرراً ومن حق أي دولة مجاورة أو غير مجاورة أن تقوم منفردة أو متحالفة مع دول أخرى بشن الحرب عليها وتدميرها وحصارها وقتل مواطنيها وإغلاق منافذها والسطو على ممتلكاتها واستئجار الجيوش والقتلة المأجورين لاحتلال أراضيها وقتل أبنائها وانتهاك حرماتها...
المنطقية والإنصاف التي يدعو إليها وزير الخارجية في حكومة صاحبة الجلالة تقتضي أن الحرب في ليبيا تمنح كلا من مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر وتونس، فرادى أو متحالفات، حق العدوان المسلح على ليبيا وقتل الليبيين ونهب ثرواتهم! وكذلك الحرب في سوريا وفي جنوب السودان والصومال وبورما وأفغانستان والعراق و"إسرائيل"... الخ.
المؤكد أن معالي الوزير لا يستطيع أن يمط منطقيته لتمنح دول الطوق العربية حق التدخل العسكري في "إسرائيل"، وتجعل التدخل الإيراني في العراق وأفغانستان والتدخل الروسي في أوكرانيا وجورجيا أمراً مقبولاً. 
إنها منطقية مدفوعة الأجر مفصلة فقط على مقاس عدوان التحالف السعودي الإماراتي على اليمن واحتلال المملكة للبحرين والعدوان "الإسرائيلي" والتركي على سوريا.
الوزير البريطاني لم يكن في مقاله ضعيفاً في المنطق السوي ومتعفن الإنصاف فقط، ولكنه حين قال إن عدوان التحالف كان بتفويض أممي ويستند إلى قرار مجلس الأمن (2216) بدا أيضاً ضعيف الذاكرة والفهم ومحامياً غبياً، فالقرار صدر بعد العدوان وليس قبله، ولم يفوض المملكة وتحالفها بشن الحرب على اليمن وإنما أجاز لدول الجوار أن تفتش داخل حدودها عن أي وسيلة نقل يشتبه بأنها تقل أسلحة للأشخاص المدرجين في قائمة العقوبات وتقديم تقرير مفصل بذلك إلى المجلس، وحث وشجب وشعر بالجزع بما يرضي غباء صبية الخليج ويستلب أكبر قدر من ملياراتهم دون أن يخولهم شيئاً غير القفز إلى الهاوية. 
قد لا يكون رأس الدبلوماسية البريطانية غبياً كما بدا في مقاله، وهذا هو الأرجح؛ لكنه نجح بالتأكيد في أن يكون تافهاً أكثر مما ينبغي، ومهما تقاضى على ذلك من ثمن فإنه بخس ولن يضرنا ذلك شيئاً.

أترك تعليقاً

التعليقات