د. أحمد عبدالله الصعدي

د. أحمد عبدالله الصعدي / #لا_ميديا -

منذ عودته إلى لبنان في سبتمبر 2019 عبر مطار بيروت بعد غياب طويل، هب المواطنون اللبنانيون ضحايا وذوو ضحايا معتقل "الخيام" الشهير لمطالبة القضاء باعتقال المجرم السفاح عامر إلياس فاخوري، الذي كان قائدا من قادة قوات العميل أنطوان لحد ومارس أبشع صور التعذيب والتنكيل والقتل بحق الأسرى من المقاومين والمواطنين في معتقل الخيام، حتى لُقب بـ"جزار الخيام". 
وللتذكير فإن معتقل الخيام ومعتقل أنصار كانا قطعتين من جهنم حتى صباح 25 مايو/ آيار 2000، عندما فر جيش الاحتلال مذعورا وترك آلاف المعتقلين خلف القضبان، لتحطم تلك القضبان وتفك الأغلال بسواعد أبطال التحرير في ذلك اليوم الخالد من أيام العزة العربية والإسلامية. وعندما قام القضاء اللبناني بواجبه وأمر بإلقاء القبض على عامر فاخوري لتقديمه إلى المحاكمة استنفرت أمريكا الرسمية: البيت الابيض والكونجرس ووزارة الخارجية والـ(سي. آي. إيه) لممارسة كل أشكال الضغوط والتهديد على لبنان كدولة وعلى أشخاص محددين من السياسيين. وقال كل من تحدث سرا أو علنا إلى اللبنانيين إن عدم إطلاق سراح فاخوري وتركه يصول ويجول في لبنان، سيتسبب بعواقب وخيمة، وكل ذلك بحجة أنه قد أصبح مواطنا أمريكيا، وأن ما ينسب إليه من جرائم القتل والتعذيب للسجناء قد سقط بمرور الزمن. وصل أمر الضغوط المستفزة إلى حد تحرك أعضاء في الكونجرس ومحامين وإجرائهم اتصالات بمسؤولين لبنانيين حملت التهديد والوعيد إذا لم يطلق سراح عامر فاخوري، وكذلك فعلت السفيرة الأمريكية في بيروت ومسؤولون آخرون في السفارة. وحتى بعد أن أمر القضاء العسكري بإخلاء سبيل فاخوري تقدم مشرعون جمهوريون وديمقراطيون بمشروع قرار لفرض عقوبات على لبنان بسبب توقيفه.
لقد قاوم لبنان، هذا البلد الصغير، أقسى وأقبح الضغوط والتهديد بالعقوبات، رغم ما يعانيه هذه الأيام من ظروف اقتصادية صعبة ساهمت العقوبات الأمريكية في زيادتها صعوبة. كان في قرار المحكمة العسكرية إخلاء سبيل فاخوري تنازل لم يسكت عنه المجتمع اللبناني، الذي يتسم بالحيوية دائما. ولما أدركت الدولة العظمى أن جبروتها وغطرستها لم يركعا لبنان ولم يضمنا خروج المجرم المتمتع بحمايتها عبر مطار بيروت كرمز لانتصار الجلاد على الضحايا، اضطرت إلى تهريبه عبر طائرة مروحية أقلته من السفارة يوم الخميس 19 مارس الحالي، في خرق جديد لسيادة الدولة اللبنانية.
وهكذا نجحت الدولة المارقة الأعظم في تمكين مجرم شهير ارتكب أبشع الانتهاكات لحقوق الإنسان من الإفلات من العقاب العادل، ليس لأنه مواطن أمريكي، بل لأنه كان عميلا في جيش عميل للكيان الصهيوني؛ فأنور العولقي -على سبيل المثال- مواطن أمريكي ومولود في أمريكا، إلا أن هذه الميزة لم تردع الإدارة الأمريكية عن قتله بدون محاكمة بواسطة طائرة بدون طيار في محافظة شبوة.
عندما قال قادة أمريكا للبنان: كلنا عامر فاخوري، فإنهم قالوا بوضوح: كلنا جزار الخيام وكل جزار يخون أهله وشعبه بالطريقة التي تثير إعجاب الكيان الصهيوني.

أترك تعليقاً

التعليقات