عميان أردوغان!
 

موفق محادين

د. موفق محادين / لا ميديا -
عرف التاريخ السياسي الإسلامي أكثر من ظاهرة من ظواهر العميان، منها ما دوّنه صلاح الدين الصفدي في كتابه "نكت العميان"، لكن هذه الظاهرة الكوميدية لا تقارن مع ظاهرة أخرى ذات طابع تراجيدي، هي ظاهرة الخلفاء العباسيين العميان، الذين ظلّوا مع ذلك تحت سطوة "إخوانهم في الدين" من زعماء الجند الأتراك، وبما يذكّر حيث لا تنفع الذكرى مع عميان أردوغان من العرب والمسلمين المعاصرين (المعاصرون هنا تعبير مجازي).
وحتى لا يتهمنا أحد بالاستناد إلى المراجع المعادية، نحيلهم إلى المؤرخ السني المتشدد، السيوطي في كتابه "تاريخ الخلفاء".
بحسب السيوطي، فإن زعماء الجند الترك الذين توسعت سلطتهم في عهد الخليفة المتوكل (كان المعتصم أول من جلبهم) سيطروا على الخلافة بعد أن اتفقوا مع الابن الأكبر للمتوكل على قتله، رغم أن المتوكل هو من وسّع سلطتهم لتعزيز الحنبلية بعد عقود من نفوذ المعتزلة، القائلين بخلق القرآن واعتماد العقل طريقا للإيمان، أيام المأمون والمعتصم.
وقد تمكنوا من قتله عندما كان في مجلس لهو وشراب، ومحاطا بجواريه، يذكر السيوطي أن بلاط المتوكل الذي رفع الظلم عن ابن حنبل، كان يضم أربعة آلاف جارية واقعهن جميعا.
ونعرف من الكتاب أيضا، أن زعماء الجند الترك وضعوا يدهم على الخلافة، بعد أن اخترعوا طريقة جهنمية للحكم باسم الخليفة، وهي سمل عيون الخلفاء، بل إن ولي عهد أحدهم عندما أدرك دنو أجل والده، هرب في ليلة ظلماء، فخصص الترك جائزة لمن يعيد الأمير لقصره المنيف، وهكذا.
ومن الخلفاء الذين سملت عيونهم بحسب السيوطي: القاهر، والمستكفي بالله.. وهؤلاء غير الذين قطعت ألسنتهم بالسكاكين أو رؤوسهم بالبلطات، وعبر أساليب أخرى من قبل الجند الترك، تجمع بين التندر والفظاعة، كما حدث مع ابن المكتفي، إذ لم يكتفوا بالتطيين عليه، بل وضعوه في فرن مغلق بالكامل إلى أن مات (رحمه الله).
ومعروف كذلك، الأساليب التي تفنّن أحفاد أرطغرل من بني عثمان باستخدامها في الصراعات الداخلية للأمراء العثمانيين أنفسهم، مستندين إلى التقليد التركي المعروف (قتل كل الإخوة الذكور) سواء بالسم أو الخنق بخيط الحرير، ناهيك عن قطع الرؤوس للقادة العسكريين المخالفين، وعن الإبادة الجماعية كما حدث مع الإنكشارية في ميدان الخيل، زمن السلطان محمود الثاني، وناهيك بالخوازيق المخصصة للعامة، من أسفل البطن إلى الرأس.
يقول عرب أردوغان، إنهم ضد إيران لأنها تتدخل في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وتصادر عربستان و3 جزر في الخليج الذي تسميه الخليج الفارسي.
وفق المنطق نفسه، يا عرب أردوغان:
- ماذا عن تدخل تركيا في سوريا والعراق، ووضعها حلب والموصل ضمن خارطتها في المركز الجغرافي التركي؟
- ماذا عن تدخلها في ليبيا وإرسال آلاف المرتزقة من بقايا "داعش" و"النصرة" إليها؟
- ماذا عن مصادرتها لواء الإسكندرون الذي لا يقل مساحة وجمالا عن عربستان؟
- ماذا عن تسمية خليج الإسكندرون بتسمية تركية، هي خليج هاتاي؟
- وبخلاف إيران التي أبقت على الأبجدية العربية، لماذا تواصل تركيا إلغاء هذه الأبجدية؟
* كاتب ومحلل سياسي أردني

أترك تعليقاً

التعليقات