وانتصرت المقاومة الفلسطينية.. ما مصير الكيان الصهيوني بعد اليوم؟!
- شارل أبي نادر الأحد , 23 مـايـو , 2021 الساعة 7:55:34 PM
- 0 تعليقات
شارل أبي نادر / لا ميديا -
حتى صباح الخميس (20 أيار)، بقي رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يصرح بأن العملية العسكرية ضد غزة، والتي سماها "حارس الأسوار"، مستمرة بالشكل المناسب لمواجهة "حماس والفصائل الأخرى"، وفي المدى الكافي لتحقيق جميع الأهداف التي وضعت لها، ليعود وبعد اجتماع حكومته المصغرة، ويقرر الالتزام بوقف إطلاق نار كما اقترحته بعض الأطراف الخارجية، على أن يكون متزامناً مع قرار مماثل من الفصائل الفلسطينية في غزة.
طبعاً، وباعتراف كامل الداخل "الإسرائيلي" تقريباً، من إعلاميين وباحثين استراتيجيين ومسؤولي أجهزة أمنية وعسكرية، فإن العملية لم تحقق أي هدف له قيمة عسكرية أو سياسية من الأهداف التي وُضِعَت لها. فقط، ما نتج عن عملية "حارس الأسوار"، أن عملية المواجهة التي خاضتها ضدها المقاومة الفلسطينية تحت اسم "سيف القدس"، حققت ما لم يكن أحد يتوقعه، حتى من قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، والتي خاضت أشرس مواجهة في تاريخها ضد الكيان حتى الآن، أولاً: لناحية نجاحها في إدارة وتنفيذ مناورة استهداف صاروخية لافتة، وثانياً: لناحية كشف رزمة واسعة من نقاط الضعف لدى العدو، لم تكن لتظهر لو لم تتطور المواجهة إلى المستوى الذي بلغته، وثالثاً: لناحية نجاح هذه المقاومة في فرض أكثر من معادلة ستشكل نقطة مفصلية في صراعها ضد العدو بعد اليوم.
لقد برهن العدو، من خلال إخفاقه في عمليته "حارس الأسوار"، أن هذه الجولة الأخيرة من المواجهة كشفت الكثير من الثغرات الخطرة والحساسة، بعد أن كان يعتقد قادته أنها هي التي تشكل له عناصر القوة التي يمكن أن تحمي أمن واستمرارية الكيان، وذلك على الشكل التالي:
القبة الحديدية:
لفترة طويلة سبقت عملية "سيف القدس"، كان الاعتقاد سائداً في "إسرائيل"، وفي العالم أيضاً، أن منظومات الدفاع الجوي بشكل عام والقبة الحديدية "الإسرائيلية" بشكل خاص، قادرة على تأمين حماية الأجواء من الصواريخ والأجسام الطائرة الأخرى، بنسبة تتجاوز الـ60% لتصل في أحسن ظروف نجاحها إلى 75%، خاصة أنها نالت حقها من التمويل والتجارب والمناورات، إضافة إلى أنها استفادت من التجهيزات التقنية المكملة لها، مثل الرادارات وأجهزة التشويش والاتصال والربط الإلكتروني، من الأغلى والأكثر تطوراً في العالم، لتكون النتيجة: فاعلية شبه معدومة لهذه القبة الحديدية، بعد أن تجاوزتها نسبة كبيرة من صواريخ المقاومة، وصلت إلى عمق الكيان وإلى شماله وجنوبه، مهددة أغلب المواقع الاستراتيجية، والتي طالما كانت نقاط ارتكاز الدفاع عن هذا الكيان، وخاصة المطارات العسكرية التي كانت دائماً الحاضنة الرئيسة للقوة الضاربة لسلاح الجو، وبالتالي لجيش العدو.
سلاح جو العدو:
تبين أن فاعليته محصورة فقط في اغتيال المدنيين الآمنين، وعائلات بعض قادة المقاومة في منازلها، وبعض المقاومين الذين أعطوا نجاح المناورة والمواجهة الأفضلية على حياتهم، فاستشهدوا في أصعب ظروف التضحية، بهدف إنجاح "سيف القدس" وتحقيق الانتصار، ولم يستشهدوا بسبب نجاح وفاعلية سلاح جو العدو الذي فشل في تحقيق أي هدف منتج لمناورة العدو، والتي هدفت بالأساس إلى اغتيال أكبر عدد ممكن من المقاومين والقادة والكوادر، وإلى تدمير الأنفاق وقواعد إطلاق الصواريخ ومنعها من مواصلة مسار ونمط الإطلاق.
مـن جهة أخرى، أثبتت المقاومـة الفلسطينيـة، بهـــذا الانتصار التاريخي، أنها السند الرئيس للشعب الفلسطيني، وأنها العمود الفقري الأساسي لجبهة الدفاع عن الأقصى والقدس، وأنها السبيل الوحيد والطرف الأمكن والأقوى والأكثر قدرة على استعادة الحقوق وحماية المقدسات.
منظومة الأنفاق التي عززتها وثبتتها المقاومة عبر شبكة عنكبوتية معقدة من عشرات أو مئات المداخل والمخارج والفتحات الجانبية والاحتياطية المحصنة، وامتدت على مساحة واسعة، تحت قطاع غزة بكامله تقريباً، على شكل قاعدة ضخمة مفتوحة ومرتبطة بعضها بعض بمئات المسارب المحمية، وحيث أصبحت صالحة لكل أنواع المناورات، دفاعاً أو هجوماً أو للعمليات الخاصة أو لإطلاق الصواريخ، شكلت نقطة الارتكاز الأقوى في عملية "سيف القدس".
النقطة الأخرى التي يمكن استنتاجها من نجاح المناورة الصاروخية للمقاومة، ومن فشل العدو في تدميرها أو في عزلها أو في إخراجها من الخدمة، أن هذه الشبكة العنكبوتية من الأنفاق محصنة أمنياً بشكل كامل، وأن طاقمها والعاملين فيها أو الذين ساهموا في حفرها، بالإضافة إلى من يرتبط بهم عائلياً، هم أيضاً محصنون أمنيا وبعيدون عن إمكانية الاختراق من قبل العدو، وهذه نقطة أخرى تضاف إلى نقاط قوة المقاومة حاضراً ومستقبلاً، وبالتالي يكون العدو قد خسر أيضاً نقطة أخرى من النقاط التي طالما راهن عليها.
مع كل هذه الإخفاقات التي أصابت العدو "الإسرائيلي" في عملية "سيف القدس"، حتماً سيكون لها تداعيات مستقبلية على موقعه في الصراع المفتوح الذي وضع نفسه فيه، ولن تتوقف تداعياتها على نتائج المواجهة الأخيرة فقط. يبقى السؤال الأساس هو: هل سيستطيع العدو تجاوز هذه الثغرات البنيوية في هيكليته الأمنية والعسكرية؟! وكيف سيكون مصير هذا الكيان غير المستقر بعد اليوم؟!
محلل عسكري واستراتيجي لبناني
المصدر شارل أبي نادر
زيارة جميع مقالات: شارل أبي نادر