ارحبي يا جنازة
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
ينتابك الأسى لاستمرار المعاناة، ونُذر تكرار المأساة، لتشمل مئات الآلاف من موظفي الدولة في عدن وجنوب البلاد، قد ينضمون إلى قائمة المقهورين في شمال البلاد بحرمانهم من رواتبهم لـ7 سنوات؛ ولا تملك إلا أن تردد المثل الشعبي: «ارحبي يا جنازة إلى فوق الأموات»!
حكومة قوى الارتهان للخارج على حساب الامتهان للداخل، نفسها التي سبق أن أعلنت في العام 2014 عجزها عن دفع رواتب الموظفين ما لم ترفع الدعم كاملا عن المشتقات النفطية، ونفسها من حرمت مليوناً من موظفي الدولة رواتبهم منذ 2016.
الأطراف والشخوص نفسها -تقريبا- تلوح اليوم بعجزها عن دفع رواتب قرابة 400 وقيل 700 ألف موظف مدني وعسكري، بمناطق سلطتها، ظلت تدفع لهم رواتبهم دون انتظام مواعيد صرفها ودون أي علاوات أو مراعاة لفارق فحش الأسعار!
تزعم هذه الأطراف، اليوم، أن عجزها «ناتج عن توقف تصدير النفط»، عقب تحذير صنعاء لسفن نقل وشحن النفط من عواقب استمرارها في نهب النفط اليمني. بينما الواقع أن هذه الأطراف لم تكن تدفع رواتب جميع الموظفين بمناطق سلطتها.
ظلت شكوى الموظفين في عدن والمحافظات الجنوبية، تتعالى من تأخر صرف رواتبهم وتراكم المتأخرة منها قبل توقف عملية «تصدير النفط» بطريقة عصابات المافيا، دون أي دورة مستندية مالية أو حتى إيداع الإيرادات في البنك المركزي بعدن!
فعليا، لا تشعر هذه الأطراف وشخوصها المتخمة برفه العيش حد السفه من المال الحرام، بالمسؤولية تجاه المواطنين إجمالا، والموظفين خصوصا. وما تظهره مؤخرا، غايته السحت وشحت المزيد من «المساعدات» التي بدأت في طلبها من العالم!
لو كانت هذه الأطراف تشعر بأدنى قدر من المسؤولية، لما قطعت منذ سبع سنوات رواتب قرابة مليون من موظفي الدولة يعولون 10 ملايين، على أقل تقدير، ولما رفضت دفع رواتبهم من إيرادات النفط والغاز، باعتبارها ملكا للشعب لا لنخب فيه.
لا مبرر لفشل وعجز هذه الأطراف، عدا فسادها قيميا وأخلاقيا، وإداريا وماليا. هذا ما تؤكده وقائع الحال بمناطق سلطتها، ما يصدح به تدهور الأوضاع وتردي الخدمات وانهيار قيمة العملة وارتفاع أسعار السلع والمشتقات النفطية والخدمات العامة.
وهذا ما بات يدركه ملايين المواطنين وأضحى يقينا مشتركا بينهم هناك. لكن الأهم من هذا اليقين، هو ماذا سيتبعه ويترتب عليه: المزيد من الخضوع للإذلال بسياط الرواتب والأسعار، والخدمات والإفقار، أم الانفجار بوجه قوى الطغيان والعدوان؟!

أترك تعليقاً

التعليقات