النهاية (THE END)
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

لسنوات ثلاث ونصف، ظلت الأجواء في هذه الحرب على اليمن كما الظهر حين يغدو مكشوفاً غير آمن. وهذا مما أدام الحرب وقاد للتمادي في قصف كل شيء وأي شيء، عسكرياً كان أو مدنياً، مرفقاً أو منزلاً أو فرداً بذاته.. متى ما شاء التحالف وزبانيته!
لكن حال الحرب المتواصلة منذ 4 سنوات و3 أشهر، ومتغيرها الأبرز مؤخراً، تشبه حال مَن ظل يقاتل في وادٍ منبسط تحيطه جبال يتلقى من أعلاها الحجارة دونما مقدرة على بلوغ مصدر قذفه بها، ثم استطاع أن يبادله القذف والوصول بحجارته إليه.
دخول الطيران المُسيّر والدفاع الجوي والقوة الصاروخية، من جانب صنعاء، وبهذه الكثافة والدقة، ساحة الحرب، أحدث توازناً، صحيح أنه ليس كلياً بالطبع، لكنه يظل قدراً من التوازن الضاغط، في مقدرة الرد والأثر والمدى، وتبعاً في نتيجة الردع. 
لا مجال للمقارنة بين ترسانة أسلحة دول التحالف الهائلة والحديثة والمتنوعة والمتجددة شراءً وتوريداً وصيانة، وبين إمكانات صنعاء العسكرية، بعد ما تعرضت له من تفكيك وتدمير طوال 9 سنوات، لكن الجديد، فرض صنعاء الأخذ بعين الاعتبار إمكان الرد بما يوجع.
هذا المتغير الهام، أجده هاماً جداً، وأرى أنه سوف يسهم في التعجيل بنهاية الحرب، أو يشرع دوافع وجيهة لبدء ترتيبات وضع حد للحرب التي بدأت بتقديرات أسابيع، ثم صارت مفتوحة الأجل، أو على أقل تقدير يستدعي التفكير في النهاية من ملهاة الطغيان.
بدا واضحاً لتحالف حرب يضم دولاً وجودها واستمرارها هبة بحيرات نفط، أن آخر ما قد تفكر فيه ويؤرقها هو نفقات الحرب، في غياب أية خسائر عدا الإنفاق المالي. بدا هذا واضحاً حد التصريح به مراراً من ناطق التحالف عسيري ووزير خارجية السعودية الجبير.
ظل اعتداد دول التحالف بوفرة المال وإمكاناته السحرية في شراء السلاح والمقاتلين، والغطاء السياسي الدولي والمواقف، طاغياً كلياً على مجرد التفكير في ضرورة إيجاد نهاية للحرب، إذ ما من دافع لذلك أو حاجة ملحة لدول التحالف وهادي وشركائه ومقاتليهم.
لكن ليس بعد الآن. حال دول التحالف وبصورة أكبر السعودية، صار شبيهاً بحال اليمن طوال السنوات الثلاث الأولى من الحرب.. وفرة مقاتلين وسلاح لكن بأجواء مكشوفة أمام وابل القصف الجوي، من دون مقدرة الرد المماثل والصد الحائل دون مزيد من الخسائر والاستنزاف.
لم يعد مسار الحرب كما كان، حتى وإن استمر الغرور نفسه باعثاً على المكابرة ومحرضاً على المقامرة، فأسواق السلاح الدولية وأسواق المواقف العالمية، لم تعد مفتوحة كما كانت طوال السنوات الماضية، وبدأت أبوابها توارب باتجاه أن توصد كلياً أمام تحالف الحرب.
هذا بالطبع ليس زهداً للمال، ولا اتقاداً للضمير من أرباب نفخ الكير وتغذية السعير. بل فرضاً توجبه مصالح حكومات دول تصنيع السلاح وبخاصة دائمة العضوية بمجلس "الغبن الدولي"، وضغوط شعوبها وقوانينها النافذة، وصون شعارات واجهتها المثالية أمام العالم.
يبقى الرهان معقوداً إذن، على أن تكون عمليات الجو بأركانها الثلاثة (الطيران المُسيّر والدفاع الجوي والصواريخ الباليستية)، هي مفتاح بداية النهاية.. نهاية هذه الحرب الحاقدة الأكثر إجراماً، والأبشع قذارة في تاريخ الحروب المعروفة.. وبداية السلام العادل.

أترك تعليقاً

التعليقات