ويجرؤون!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
لهم مِن النياشين ما لا تحصيه حصرا، ومِن الرُتب ما لا تدركه بصرا، نجمات وسيوف ونسور نُسجت مِن خيوط الذهب كما لو كانت شمسا، ولهم مِن المراتب ما لا تعرف له سببا، وتتبعهم آلاف مؤلفة من الجنود، إذ تراها تصطف صفا صفا، تحسبها سدا منيعا، بوجه الأعادي لا ترحم أحدا.
لكن هاتيك النسور الجارحات رسما، المنتصبات على أكتافهم رُتبا، تغدو دجاجات جذلى بانتظار دورها ذبحا، حين الخطوب والملمات، لا كرا ولا جرحا أو فزعا! حتى تكاد تستكثر جهد رسمها وذهابه عبثا، وخيوط الذهب التي حيكت بها نسجا، تلقاها تفوق قيمة لابسيها ثمنا!..
“نقباء” الهوان، و”عقداء” الإذعان، و”عمداء” الامتهان، و”جنرالات” الارتهان، “قادة” الخذلان.. ما أكثركم وما أكثر جيوشكم، تتوسع عدادا، وتتنوع عتادا، وتتوزع وحداتها، ألوية وفِرقا، وفي الملمات جامدة تبقى، مجرد أسماء تحكى، لا حياة بها، ولا حياء لها، ولا أثرا ولا فَرقا!
لا تدري كيف يجرؤ قادة الجيوش العربية بما فيها جيش “مجلس قيادة” الموالين للتحالف، على الظهور إعلاميا ببدلاتهم العسكرية! كيف يجرؤون على الحديث عن قواتهم العسكرية وأسلحتها الحديثة وتدريباتها النوعية،.. إلخ ما اعتادوا لوكه طوال عقود، دون أن يظهر لها أي وجود!
إنها صفاقة غير مسبوقة. أن تكون قائد جيش جرار، تعداده بمئات الآلاف، وعتاده بمئات مليارات الدولارات، على مدى عقود من الإعداد والإمداد، وتقف عاجزا عن نصرة شعب عربي مسلم، يذبح من الأذين الى الوريد علنا، بحرب إبادة جماعية، تُبث مجرياتها إعلامياً بمشاهد يومية!
كيف لمثل هؤلاء “القادة” العسكريين، ألا يشعروا بالخجل مِن الظهور إعلاميا، حتى في هذه الظروف الحرجة، والأخطر، فلسطينيا وعربيا وإسلاميا؟! كيف لا يندى جبينهم حياء وهم يتجاهلون ما يحدث في غزة، مِن مجازر بشعة تستهين بالدم العربي المسلم وتهين ملياري مسلم وعربي؟!
أين ذهبت “عنتريات” قوات السعودية والإمارات، وأحاديثهم الزائفة عن “النخوة والنجدة”، وشعاراتهم المخادعة عن “الفزعة للعروبة”، يوم تكالبت في تحالف حرب، وحشدت مئات الطائرات الحربية، والكتائب، وجحافل المرتزقة من كل دول العالم، للعدوان على اليمن وشعبه الذي لم يؤذهم قط؟!
بانت لكل من ظل في قلبه مقدار ذرة من الشك، حقيقة تحالف العدوان السعودي الإماراتي، بمن لف من دول خليجية وعربية، وأنه تحالف أمريكي بريطاني صهيوني. تشكل وأجرم ودمر وقتل وجرح وشرد، بأوامر وإدارة أمريكية بريطانية، مثلما توارى وتخاذل حيال غزة، بأوامر أمريكية أيضا!
لكن يبقى السؤال: أي وظيفة ومهمة، ومصيبة وملمة، أشد وأخطر، تستدعي وجود الجيوش العربية والإسلامية وبقاء قادتها واستمرار نفقاتها المليارية من قوت الشعوب العربية والإسلامية؟! متى يمكن أن تُرى، وتكون لهم جدوى، في النجدة والذود عن الحمى، وحياض الأمة ودمائها وثرواتها؟!
فعليا، الموقف المتخاذل للجيوش العربية، يبدد الريب ويزيل الشك في حقيقة مهماتها الأولى، وأنها قمع شعوبها، وتهديد شقيقاتها، والاستعراض في الأعياد، وقطعا، حماية الكيان الصهيوني، من أي هبة أو ثورة أو عاصفة للشعوب العربية تلتهمه بأسنانها، لو قدر لها عبور الحواجز الحدودية لبلدانها!

أترك تعليقاً

التعليقات