ما عذرهم؟!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / #لا_ميديا -

يعجز الإنسان السوي أن يكون محايدا حيال ما تشهده البلاد من حرب مدمرة حاقدة ومجرمة وحصار جائر وظالم. الباحث عن التزام الحياد سيواجه ألف سبب وواقعة تجبره على اتخاذ موقف، وكلها تندرج تحت إجابة السؤال نفسه: ما ذنب المدنيين حتى يعاقبوا جماعيا؟ ولماذا يستهدفون عمدا؟!
كان يمكن الانجرار تحت طائلة الدعاية والتحريض الإعلامي وراء التحالف وهادي وحكومته «الشر عية» لو أنهم كانوا بالفعل «حريصين على سلامة اليمنيين وكرامتهم وإرادتهم ومقدرات دولتهم وأمنها واستقرارها ووحدتها وسيادتها واستقلالها،.. الخ» ما تثبت الوقائع عكسه ونقيضه منذ البداية وحتى اليوم.
سأتجاوز استهداف طيران تحالف الحرب الأحياء السكنية والمرافق المدنية والبنية التحتية، وأتوقف فقط عند قطع الرواتب. واتخاذها سلاحا لحسم الحرب بإفقار 70٪ من الشعب وإحالتهم إلى معدمين جوعى.. هل في هذا أية نوايا حسنة، أو حتى مجرد شبهة في أن هدفه ابتزاز الشعب ولي ذراعهم وكسر إرادتهم وإذلالهم؟!
وبعيدا عن المهاترات والمغالطات، معلوم أن «اتفاق ستوكهولم» نص على أن «تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن».
نظريا، نفذ المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ هذا بفتح حساب خاص بالمرتبات في فرع البنك المركزي بالحديدة تورد إليه عائدات موانئ الحديدة. وفعليا أعلنت إيداع «إيرادات الرسوم الجمركية والضريبية للسفن خلال أشهر أغسطس، سبتمبر، أكتوبر، بمبلغ إجمالي 20 مليارا و661 مليون ريال» اللجنة الاقتصادية العليا في صنعاء أعلنت هذا، وجدد بيان لها دعوتها الأمم المتحدة إلى «سرعة القيام بواجباتها، وإلزام الطرف الآخر بتنفيذ التزاماته في اتفاق السويد من خلال توريد مبلغ العجز بين إجمالي تكلفة الرواتب وبين الرصيد المُجمع في حساب مبادرة المرتبات».
لكن الطرف الآخر، حكومة «الشر عية» ومن ورائها تحالف الحرب؛ لم يف بالتزامه في اتفاق السويد، ومازال يعد الطرف المعرقل للتنفيذ، ومن يصر على اتخاذ رواتب موظفي الدولة سلاح حرب ضد من يزعم أنه «حاكم شرعي» له، ضد الشعب وليس غيرهم!
يتأكد هذا لعامة اليمنيين، بتعمد «هادي» و»حكومته» قطع الرواتب منذ نقلهم البنك المركزي إلى عدن في سبتمبر 2016، وأنهم يصرون على منع صرفها لغالبية موظفي الدولة الذين لا يقطنون في المناطق التي يسمونها «محررة» ويسيطرون عليها، وتبعا يؤكدون أنهم بذلك خصوم لعامة الشعب.
هذا عقاب جماعي، يجرمه القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي، فكلاهما ينصان صراحة على تصنيف «كل ما يهدد حياة المدنيين أو يعرضها للخطر، جريمة حرب». ولا شرعية لهذا العقاب، كما لا يمكن أن يكون من يمارسه «شرعيا» بأي حال من الأحوال.
أضف إلى أن غالبية إيرادات الدولة، من عائدات نفط وغاز، وضرائب وجمارك منافذ برية وبحرية وجوية، يسيطر عليها هادي وحكومته. وقد ثبت أن «عائدات 2,5 مليون برميل نفط خام أنتجت من حقول حضرموت ومأرب وشبوة، في أكتوبر، بلغت 157 مليون دولار، ما يعادل 80 مليار ريال».
هذه الكميات المنتجة من النفط شهريا تغطي مبيعاتها - وفق المختصين - رواتب موظفي الدولة بقطاعيها المدني والعسكري، فضلا عن «عائدات إنتاج 2.150 طنا من الغاز المنزلي يومياً بمنشآة صافر وحدها في مأرب، ما يعادل 65 ملياراً و790 مليون ريال سنويا»، وإيرادات الضرائب والجمارك.
لا عذر إذن لهادي وحكومته «الشرعية» في امتناعها عن صرف رواتب موظفي الدولة في المناطق التي لا تخضع لسيطرتها، ولا مبرر لإلزامها من يريد راتبه السفر إلى مناطق سيطرتها وتسجيل اسمه نازحا واستجداء صرف رواتبه طوال أشهر من المعاملات، فهذا يجاهر بتعمد الإهانة والتنكيل بالمواطن.

أترك تعليقاً

التعليقات