رائحة الحرية
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

كلما حاولت أن أركز نظري على تلك المواقف الاستثنائية التي يتخذها الأحرار في محور المقاومة تجاه قضية الأمة الأولى، تأتي يدٌ كبيرة جداً تمسك وجهي بقوة لتديره رغماً عنه نحو انبطاحات أمراء الخزي والعار، وكأنها تقول لي بصمت: انظر إلى ما يفعله أدعياء العروبة والقومية.. إلا أنني أرد عليها بحزم في كل مرة: بل انظري أنتِ إلى الجانب الآخر حيث يختار الطفل الموت بأبشع الطرق بديلاً عن الانبطاح لأراذل الخلق والتخلي عن المقدسات، وإن كنتِ عمياء فيمكنك اشتمام رائحة الحرية كما يشتم المرء رائحة الهوان في بلدان التطبيع واليهودة.
قبل أيام عندما بدأت الاستعدادات في اليمن وإيران وجنوب لبنان لإحياء "يوم القدس العالمي"، ظهرت استعدادات أخرى في دويلة الإمارات لاستضافة "مغتصب القدس" وإعطائه جناحاً خاصاً في معرض إكسبو الدولي 2020 الذي سيقام في إمارة دبي.
الصحيفة الصهيونية التي نشرت هذا الخبر لم تكن تحاول إضحاكنا، فهي صهيونية ولا تتمنى لنا نحن العرب غير البكاء والبؤس والشقاء، لكنها رسمت على ثغري ابتسامة ساخرة بقولها إنه تمت دعوة إسرائيل إلى دبي للمشاركة في هذا المعرض العالمي، "الدعوة بحد ذاتها" أكثر طرافة من كتاب "ألف نكتة ونكتة" الذي لم يضحكني إطلاقاً.
أصلاً من متى "إسرائيل" بحاجة إلى دعوة؟
البيت بيتكم يا عم "نتنياهو" في أي وقت وبدون إحراج، باب "أبوظبي" مفتوح على مصراعيه، و"دبي" تتحرق شوقاً لتطأها أقدامكم.. (هذا لسان حال ابن زايد).
ويردف قائلاً: لولا اضطرارنا يا سيدي للحفاظ على نفاقنا ووجهنا العربي والإسلامي الزائف.. لأنشدنا لحضرتكم "طلع البدر علينا"، ولاخترناك نبياً وهادياً ومرشداً.. 
ثم يقاطعه "حمد بن عيسى" بلهجة استعلاء ساخرة: لا تتفاخر علينا بعمالتك إلى هذه الدرجة أيها المبتدئ، هل نسيت أن "مؤتمر صفقة القرن" سيكون في المنامة، وأن مملكة البحرين ستكون القواد الذي يسلم بيديه فلسطين للمغتصب الصهيوني؟ وتتعالى ضحكات الشياطين إنهاءً للحديث.
جميعنا نعلم وبدون شك أن أولاد عبدالعزيز بني سعود وعيال زايد وآل خليفة يحملون نفس الولاء والطاعة لأولاد "هرتزل" مؤسس الصهيونية الحديثة، والأمر لا يختلف لدى بقية الحكام والرؤساء العرب، إلا من رحم ربي، ولهذا سنرى كل شيء يحاول صرف أنظارنا عن تلك الحشود المليونية العظيمة التي خرجت في مختلف الأقطار الحرة، وأثبتت تمسكها بالقضية الفلسطينية المركزية.
وستظهر خلال فترة وجيزة تصرفات شاذة وأساليب جديدة في الانبطاح، وسيتسابق الملكيون والجمهوريون كلاً يريد تقديم عاصمته هديةً للعربيد الصهيوني ليمنحهم شرف اغتصابها، ومهما رأينا الصحف والمحطات والوكالات تضج بأخبار التطبيع والخيانة، لا يجب أن تلهينا عن أعظم أيامنا بأي شكل من الأشكال.. فذلك الطوفان البشري الذي خرج في اليمن بحجم مهول وغير مسبوق على مستوى المنطقة، ليس مستغرَباً من المقاوم اليمني، بل هو أمر طبيعي جداً بالنسبة لشعب لديه قائد كأبي جبريل، أما الأمر غير الطبيعي فهو أن تغيب عن أذهاننا تلك الحشود المليونية في غضون بضعة أيام.

أترك تعليقاً

التعليقات